اقلام

الرد الموعود والنصر المنتظر، بقلم اكرم شمص.

الرد الموعود والنصر المنتظر
د. اكرم شمص
تقف منطقة غرب آسيا على حافة الهاوية في ظل العد التنازلي لرد محور المقاومة على الاغتيالات والهجمات “الإسرائيلية” الأخيرة. إذ توعّدت إيران وحزب الله وحركة أنصار الله اليمنية “إسرائيل” بدفع ثمن باهظ بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران والقائد الكبير لحزب الله فؤاد شكر في جنوب بيروت وقصف “إسرائيل” ميناء الحديدة في اليمن.
توقيت الرد وشدته
يُتوقع أن يحدث الرد الانتقامي في الساعات المقبلة وفقًا لمسؤولين أميركيين كبار. السؤال الكبير الآن هو حول نطاق الرد وشدته. فقد توعّد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بتوجيه ضربة مؤلمة وإن كانت محسوبة ل”إسرائيل”. وفي خطاب له خلال تشييع القيادي العسكري البارز فؤاد شكر، حذّر نصر الله من أن “إسرائيل” تجاوزت الحدود، ووعد بـ “رد حقيقي ومحسوب جيدًا” مختلف عن العمليات التي يقوم بها حزب الله عبر الحدود ضد “إسرائيل” منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر الماضي. واليوم في اسبوع القائد شكر أكد الامين العام على حتمية الرد المؤلم وتحدث عن المساعي الدولية ، الوفود تأتي وتضغط، وبعض الاتصالات يأتي من جهات وقحة لم تستنكر قتل المدنيين والأطفال .وتحدث عن التأخير الذي هو تكتيك حيث اكد ان هذا الانتظار “الإسرائيلي” على مدى أسبوع “على إجر وربع” هو جزءٌ من العقاب، هو جزءُ من الردّ. خاتما كلامه ان ردّنا آتٍ إن شاء الله، قويا ومؤثرا وحدنا أو مع المحور، هذه معركة كبيرة ودم غالٍ وعزيز واستهداف خطير.
وكشفت مصادر مصادر خاصة أنّ النقاش في محور المقاومة بشأن الرد العسكري كان حول توقيته وكيفيته. وهل يكون ضربة رجل واحد، أم يجدر تقسيمه على دفعات؟ ترى المصادر أنّ احتمال تقسيم عمليات الرد إلى دفعات من شأنه أن يُسبّب إرباكًا داخل المجتمع “الإسرائيلي” الذي سيكون مترقبًا للرد تلو الرد، لكنه يُضعف من احتمالية إصابة الأهداف المنوي إصابتها.
التنسيق والعمليات المشتركة
وفقاً لمصادر مقرّبة من حزب الله، فإن الرد الانتقامي قد يتّخذ شكل عملية مشتركة متزامنة تشمل إيران وأنصار الله وحزب الله. “الرد سيأتي دفعة واحدة من إيران وحزب الله واليمن”، مضيفةً أن الهدف هو “توجيه ضربة موجعة “لإسرائيل” قد لا تتحقّق في حالة اتباع عمليات انتقامية منفصلة”.
تُشير التقديرات إلى أن شنّ عمليات انتقامية بالتزامن من جبهات متعدّدة سيكون له تأثير كبير، حيث يمكن للهجوم المتعدّد الجبهات أن يخرج القبة “الإسرائيلية” عن العمل عبر تشتيتها بكثرة المقذوفات ومنع إعادة تذخيرها بسرعة. وتشير المصادر إلى أن حزب الله قادر على إطلاق وابل ضخم من الصواريخ، وأيضًا بسبب قرب المسافة بين لبنان والأهداف “الإسرائيلية” المحتملة.
هذا الإغراق سيُساعد المسيّرات الإيرانية واليمنية والصواريخ الباليستية التي ستفلت من الاعتراض الأميركي والبريطاني، ويؤدي إلى وصولها إلى أهدافها بعد الإرباك الذي سيُصيب القبة الحديدية.
الأسلحة المحتملة والرمزية
قد يكون الرد الذي تُجهَز له إيران أكبر كمًا ونوعًا عن ردها في الثالث عشر من شهر نيسان/أبريل الفائت. أما بما يخص حزب الله فيرجح أن يستخدم الصواريخ الدقيقة والنوعية التي لديه، لكنه من غير المعلوم إن كانت هذه الصواريخ من طراز زلزال أو من طراز صواريخ فلق واحد وإثنان وثلاثة. ومن الممكن أن يستعمل حزب الله سلاحًا جديدًا للدلالة على رمزية شخص فؤاد شكر(السيد محسن) ، وهو المسؤول عن السلاح الاستراتيجي لدى المقاومة.
الأهداف العسكرية وعدم استهداف المدنيين
أما طبيعة الأهداف التي سيطالها الرد، فتقول المصادر إنّ جميعها ستكون أهدافًا عسكرية، مشيرة إلى أنّ المدنيين لن يكونوا في دائرة الاستهداف.
هذه التقديرات قد تتغيّر في اللحظات الأخيرة، إذ إن لمحور المقاومة حساباته الدقيقة.
الدور الأميركي والموقف الدولي
حذّر كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين من أن واشنطن قد لا تكون قادرة على توفير حماية كافية “لإسرائيل” في حال اندلاع حرب واسعة. قال رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية المشتركة، تشارلز براون، في تصريحات أدلى بها للصحافة في أواخر حزيران/يونيو “من وجهة نظرنا، واستنادًا إلى أماكن انتشار قواتنا، وقصر المسافة بين لبنان و”إسرائيل”، من الصعب أن نكون قادرين على دعمهم (إسرائيل) بالطريقة نفسها التي فعلناها في نيسان/أبريل”.
قد تساعد التعزيزات العسكرية الأميركية في اعتراض الصواريخ والمسيّرات التي تطلق من لبنان بشكل أكثر فعالية. لكن هذا من شأنه أن يجعل الأصول العسكرية الأميركية أهدافًا مشروعة.
حيث صرّح المحلّل السابق في البنتاغون مايكل معلوف لإحدى الوسائل الاعلامية الاجنبية أنه “من المرجح أن يستهدف حزب الله السفن الحربية الأميركية التي ستشارك في اعتراض الصواريخ الموجهة نحو أهداف “إسرائيلية”. يبدو أن كبار القادة العسكريين في واشنطن يعارضون بشدة استدراجهم للقيام بدور هجومي نشط في حال اندلاع حرب أوسع مع حزب الله، ناهيك عن حرب متعدّدة الجبهات.
الانتخابات الأميركية وتأثيرها
هناك عامل آخر قد يمنع اندلاع صراع إقليمي، يتعلق بموسم الانتخابات في الولايات المتحدة. تورط الولايات المتحدة عسكريًا بشكل أكبر مع “إسرائيل” سيؤدي إلى “أعمال شغب في شوارع شيكاغو أثناء انعقاد المؤتمر الديمقراطي في وقت لاحق من هذا الشهر”. وهذه الوقائع تجعل من الممكن تصوّر سيناريو تجبر فيه واشنطن “تل أبيب” على استيعاب انتقام محور المقاومة، مهما كان مؤلمًا.
ختامًا: النصر المنتظر
بين الحسابات المعقدة والتقديرات المختلفة، يبقى محور المقاومة على استعداد لتوجيه رد مزلزل ل”إسرائيل”. فبغض النظر عن التحالفات الإقليمية والدولية، يبقى الهدف واحدًا: تحقيق النصر واستعادة الحقوق المغتصبة. إن انتظار الرد الموعود يشكّل لحظة تاريخية ترقبها الجميع بفارغ الصبر، ولعل النصر المنتظر يكون خير شاهد على قوة المقاومة وتصميمها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى