اخبار ومتفرقات

أمي تضع مولودًا كل تسع شهور

في مثل هذا اليوم .. ولدت . 

كلما كانت امي تضع مولوداُ كل تسع شهور ، كانت الحاجة غنية تتمنى لأبي إن كان البطن الجديد ذكراً ان يزينه بعروس ، وان كانت أنثى أن يزينها بعريس ، وبقيت حفلة التزيين مستمرة حتى استهلكت راتب أبي ، وأجهزت عليه من أول الشهر .

 وامي( الشريك الثنائي في مصنع الانتاج المشترك ) لم تكن تتابع في فترات التغذية الكهربائية الضئيلة سوى مسلسل اسعد الوراق ، ولا تعني لها كثيرا برامج تنظيم الاسرة ، لان المذيعة نفسها التي كانت تعدّه قد انجبت خمسة اولاد ، وحامل بالبطن السادس ، ولا تأبه لنشرات الاخبار المسائية التي كانت تنقل حصريا لقاءات الرئيس حافظ الاسد ، والمقررات القومية ، وتوصيات المؤتمر الثامن ، الذي يدعو الى هزيمة المشروع الامريكي وتدمير وجبات الكنتاكي في شوارع واشنطن ، ولا تقرأ اي كتاب رغم انه لدينا مكتبة حزبية ، لو وضعت كتبها وصحفها ، ومجلاتها وقود تنور لاطعمت الحي خبزاً لشهر كامل ..

 انذاك لم يكن بث التلفزيون الرسمي يصل الى المناطق الشمالية بقدر المدى الحيوي لصواريخ المنظمات الفلسطينية التي اخذت الضوء الاخضر من اتفاق القاهرة بتدمير اسرائيل من جنوب لبنان .. فبمجرد ان تربط طنجرة طبخ المنيوم او صدر من النحاس على عامود الارسال فتلتقط بث اذاعة سورية العربية من دمشق .

في مثل هذا اليوم ارتكب ابي هذه الجريمة عن سابق اصرار وتصميم بعد ان اغوته حواء بذاك الفستان الاحمر الى الركبة ، والذي كان سعره خمسين ليرة سورية ( فقط لا غير ) ادخرته امي في بقجة تجهيز العروس ، والذي كان له الفضل في صحوة الفحولة العربية ، وانتاج تسعة اخرين غيري ، انتشروا في الارض بعد ان قضيت الصلاة .

في مثل هذا اليوم تمنى المهنئون لأمي بمجمع الشوكولا الوحيد ذاته الذي يدور من بيت الى بيت : ان ( تشوفوا على وجهه الخير ) غير مهتمين بنشيد صوت العرب من القاهرة خلي السلاح صاحي فعدونا غدار ، 

لانه بنفس الاسبوع دكت الغارات الاسرائيليه المطارات الحربية في ثلاث دول عربية معاً ، والشعب مسلطن على اغاني ام كلثوم ..

في مثل هذا اليوم لم تقلد النسوة امي نيشان المجهود الحربي في الخطوط الخلفية للجبهة ، والذي قوض ظهرها ، وانهك جسدها ، في عمليات النسل المستمرة بإنشائها اول مصنع حفاضات من اكياس الطحين الفارغة وخامات اليافطات الحزبية بعد كل مهرجان خطابي ، كتب عليهم شعارات في الوحدة ، والحرية ، والاشتراكية .

في مثل هذا اليوم تمنى المهنئون لابي ان ( يُربى المولود بعزك ) والذي بدأت احلامه القومية تصغر 

من اهتمامه بتحرير فلسطين الى اهتمامه بتسعيرة علب الحليب الناشف الذي ينمو معه الاجيال من العملة الصعبة الى العملة العربية ، والذي استعاض عنه في تنميتي واخوتي التسعة بخشانة الكشك المفروك ، ومكعبات راحة الحلقوم ….

تبا لذلك الفستان الاحمر… فلا انا ، ولا عروبتي ، ولا وطني بخير ..

و كل عام وانتم معي بألف خير .

علي دياب شاهين.

 

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى