اكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، خلال مؤتمر صحافي عقده في معراب، تناول فيه الوضع في الجنوب والوجود السوري غير الشرعي في لبنان، ان “الحكومة اللبنانية ترتكب خيانة عظمى في احداث الجنوب، ولا سيما انها المسؤولة عن الشعب اللبناني وليس حزب الله، حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال”، وطالبها “بوجوب اتخاذ قرار سيادي في ملف الوجود السوري غير الشرعي في لبنان يقتضي بتوصيف السوريين المتواجدين فيه كأي اجنبي آخر، ليقوم الأمن العام اللبناني بمهامه بترحيل المخالفين انطلاقا من القوانين اللبنانية والدولية والاتفاقية الموقعة مع “المفوضية السامية للامم المتحدة” في العام 2003 والتي تؤكد ان لبنان ليس بلد لجوء”.
واستهل جعجع مؤتمره بالتطرق الى التحقيقات في اغتيال منسق منطقة جبيل في “القوات” باسكال سليمان في 7 نيسان الماضي، كاشفا انه “بسبب البطء في الادارات اللبنانية، استُكملت في الأمس الاجراءات الادارية المطلوبة لتقديم طلب استرداد المطلوبيَن للقضاء اللبناني والموجودَين في السجن في سوريا، وهما المحركان الاساسيان للعصابة، زكريا قاسم وفراس ميمو”.
ورأى ان “التحقيقات كلها التي جرت تناولت الجزئيات فحسب، في الوقت الذي لا نشك بتاتا بتلك التي قامت بها مديرية المخابرات وقاضي التحقيق الاول في جبل لبنان، الا ان الاهم يبقى خلفيات هذا الاغتيال والتي لا يمكن ان نستشفّها بشكل صحيح قبل انتهاء التحقيقات التي ما زالت مستمرة.” واشار الى ان “قاضي التحقيق اعاد التأكيد على التحقيقات الاولية لمديرية المخابرات، فيما انتهت الاجراءات الادارية كلها لاسترداد الموقوفَين، ومن المفترض التقدّم بها في اليومين المقبلين الى السلطات السورية ليتسلمّهما لبنان بعدها، وانطلاقا من افاداتهما يبنى على الشيء مقتضاه”.
وبالعودة الى المستجدات على الحدود الجنوبية، لفت جعجع الى انه “لم يعد الموضوع مسألة تنافس او خصومة سياسية، ولو اننا لم نتبعها يوما مع اي طرف، بل كنا نشيد بعمل جيد يقوم به اي وزير محسوب على الفريق الآخر، ولكن يعيش اليوم أهلنا في الجنوب مأساة هائلة كما يعاني المواطن عموما من قلق دائم انطلاقا من الأخبار التي يسمع”.
اضاف: “نحن على تواصل دائم مع مؤيدينا ومناصرينا في قرى الجنوب وندرك الاجواء فيها، لذا نطرح الامور كما هي، ليس بهدف الرد على احد او “نكاية بحدا” انما سعيا الى ايجاد حل للخروج من جهنم الذي نتخبط بها، بعدما وضعنا الجنرال ميشال عون في جهنم الأولى، ليأتي محور الممانعة “ويغمّقلنا أكثر واكثر”، ناهيك عن الخسارات بالمليارات التي يتكبّدها الاقتصاد اللبناني الجريح اصلا منذ اكثر من 5 سنوات”.
وأردف: “وصل الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين حاملاً معه مقترحات بسيطة جال بها على رئيسَي مجلس النواب والحكومة الا انه ينتظر الجواب في الحقيقة من “حزب الله” غالبا عبر وسطاء، او عبر الرئيس نبيه بري. وقال: تربطنا بالحكومة اللبنانية صداقات مع بعض اعضائها، ولكن هذا لا يعني التغاضي عن ارتكابها خيانة عظمى لجهة ما يحدث في الجنوب اللبناني، فهي المسؤولة عن الشعب، ولو انها حكومة تصريف اعمال ومعنية بالموضوع ولو انها لن تتمكن من التأثير. ففي المواضيع الطارئة والخطيرة انها حكومة “كاملة الاوصاف” وعليها تحمل المسؤولية، نظريا واعلاميا وسياسيا على الأقل، بدل ان تكون صدى لما يقوم به “حزب الله”، من خلال قبولها بالتصرّف وكأنها غير موجودة، فيما يتفاوض اطراف اجانب مع اطراف لبنانيين امام أعينها”.
واذ لفت الى ان “الحكومة اعترفت بأنها لم تتخذ القرار في حرب الجنوب”، رأى جعجع انها “تتصرف كأنها “كشافة الرسالة او الصليب الاحمر او اي جمعية خيرية” لمساندة “حزب الله”، فيما تتمتع بوكالة من المجلس النيابي المنتخب من الشعب اللبناني وهو لم يمنح بغالبيته الثقة ل”حزب الله” الذي نال 13 مقعدا نيابيا فقط، وتمكن مع حلفائه من حصد 40 نائبا كحد اقصى”.
وجدد التأكيد “انه ليس في خصومة مع الحكومة اللبنانية الحالية، لكن وفق رؤيته للأمور، يعتبر ان الحكومة لا تتصرف كما يجب، فيما الشعب اللبناني في حالة ترقب و”على اعصابو”، وفي الوقت الذي تخطى فيه عدد الشهداء والقتلى في الجنوب الـ550 قتيلا تقريبا الى جانب آلاف الجرحى والخسائر المادية”. وبالتالي شدد على “وجوب تسلم الحكومة زمام الأمور كما يجب من خلال البدء بتحديد المسؤوليات والتواصل مع هوكستين والاطلاع منه على اقتراحه ومناقشته، ولا سيما انه يتمثل بإنهاء الوضع في الجنوب اذا تم تطبيق القرار 1701 كاملاً بمراحله المتعددة، بدءاً من الخطوة الاولى اي انسحاب “حزب الله” لمسافة 8 أو 10 كيلومترات عند الحدود الجنوبية واستلام الجيش اللبناني لهذه النقطة”.
وتابع: “وانطلاقا من المصلحة الوطنية العليا على الحكومة اتخاذ قرار وطني بعدها، وفقا للمقترحات وبالتنسيق مع الاتحاد الاوروبي ومجموعة الدول العربية الصديقة للبنان، فتعلن جهوزيتها لتطبيق ما تم التوافق عليه، اذ انها ليست ملحقا لا لسياسة حزب الله وايران ولا لفرنسا او الولايات المتحدة ولا لأي دولة اخرى”.
وتعليقا على موقف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب بأن “مشكلة لبنان تنتهي مع انتهاء حرب غزة”، ذكّره جعجع “بأنه وزير خارجية لبنان وليس غزة، لذا عليه ان يكون الصدى لمصالح الشعب اللبناني التي لا تتحقق من خلال ربط قضية لبنان بقضية غزة عسكرياً ولو اننا نرتبط بها عاطفيا”.
ورد على “الاصدقاء في حزب الله الذين اعلنوا ان جبهة الجنوب فتحت كإسناد لجبهة غزة ولالهاء جزء من جيش العدو على الجبهة الشمالية”، قال جعجع: “في الحقيقة تبين انه منذ 10 اشهر، كل ما يمكن ان يُرتكب في غزة قد ارتكب بغض النظر عن عملية الاسناد التي ادعى “الحزب” انه يقوم بها. والأهم اذا سلمنا جدلا اننا كنا بحاجة اليها في المراحل الاولى من الحرب لإلهاء وحدات الجيش الاسرائيلي، فاين اصبحت الحرب اليوم؟ في الواقع ان الحرب العسكرية انتهت ولم يبقَ سوى تطويق غزة لمنع المساعدات وبعض العمليات الخاصة لمتابعة القيادات والناشطين في حماس، وبالتالي لا لزوم بعد الآن لحرب الاسناد هذه”.
وتابع: “ما يقوم به الحزب على الحدود ما هو الا مساندة لاستراتيجية إيران في المنطقة، كي يكون لديها الحضور والوجود الذي تحتاجه، ولكن في كل الاحوال لا يجوز للحزب التصرف بمصير اكثرية الشعب اللبناني من دون موافقته. وهنا من جديد أحمّل الحكومة اللبنانية المسؤولية، وعليها اتخاذ موقف واضح من هذا الموضوع ووضع الامور في نصابها الصحيح”.
وانتقد “رئيس القوات” من يشير الى ان “اسرائيل لا تريد تطبيق القرار 1701، اذ ان عدم رغبتها بذلك امر مؤكد، باعتبار انه ليس من مصلحتها وهذه حقيقة معروفة. وسأل: “لماذا نريد مساعدتها في ذلك، عبر رفضنا لتطبيقه، وخلط “الحابل بالنابل” ليعتقد البعض “انك واسرائيل تخرّبان” الوضع على الحدود الاسرائيلية؟ في الوقت الذي اذا ما بدأتَ بخطوات عملية في تطبيق هذا القرار سيظهر “الخيط الاسود من الابيض” ويُعرف المعرقل الحقيقي”.
اما في ما يتعلّق بالوجود السوري غير الشرعي في لبنان، فتمنى جعجع “على وسائل الاعلام، بالدرجة الاولى، عدم استخدام مصطلح “النزوح او اللجوء السوري” باعتبار ان كل اسباب التهجير قد انتفت من الناحية القانونية، كما ان لبنان ليس بلد لجوء لأي شعب وفقاً للقانون الدولي. لذا بات علينا تناوله كمسألة “وجود غير شرعي”، على رغم تعاطفنا مع قضية المواطنين السوريين الذي لا حساسية لدينا تجاههم، ولكن هذا امر والمحافظة على بلدنا امر آخر”.
واكّ ان “الحفاظ على الاوطان لا يحتمل “يا امي ارحميني” والدول والمجتمعات عليها التصرف وفق هذا المنطق، ونحن لا يمكننا الاستمرار في “وضع راسنا بالرمل” لجهة الوجود السوري غير الشرعي، ولا سيما انه اصبح يقارب المليوني شخص، اي نصف عدد الشعب اللبناني، وهذا الرقم سيتضاعف مع سنوات قليلة”.
واذ ذكّر بأن “مجلس النواب كان عقد جلسة خاصة لمناقشة هذا الملف وأتخذ مجموعة من التوصيات التي أرسلها الى الحكومة، ومن ضمنها ضرورة تقديم تقرير خطي للمجلس النيابي كل 3 أشهر لوضعه في صورة الخطوات التي تم تنفيذها”، اشار جعجع الى انه “بعد مرور 3 اشهر اكتفت الحكومة، في جلستها الوزارية الاخيرة بالخروج بقرار كوميدي يكمن في اعادة تكليف وزير المهجرين بالعمل على الاعادة الطوعية، وهو ما نسمعه منذ 8 سنوات”.
وتابع: “على الرغم من ان رئيس الحكومة ووزير الداخلية لديهما نوايا طيبة في هذا الصدد وقاما باتخاذ بعض القرارات، الا ان هذا لا يكفي. الامر يتطلب متابعة حثيثة للتنفيذ بشكل دقيق. كما يبقى المطلب الأهم وجوب اتخاذها قرارا سياديا يقضي بتوصيف السوريين المتواجدين في لبنان، اذ انه على كل دولة اعطاء التوصيف الذي تراه مناسبا للأجانب لديها، ولكن للأسف الحكومات اللبنانية المتعاقبة “رح ينسُّونا انو عنا دولة اسمها لبنان”، لدرجة انها سمحت للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بوضع “التوصيف”، وهذا ليس من حقها. كذلك لا تزال الحكومة تطالب هذه المفوضية منذ سنوات ب”الداتا” بينما تملك الاجهزة الامنية “داتا” افضل يمكن استخدامها”.
واوضح انه “من الضروري ان تقوم الحكومة باعطاء التوصيف الملائم للوجود السوري في لبنان كما لأي اجنبي آخر، فمن لديه اقامة من الأمن العام اللبناني يُعتبر وجوده شرعيا، وكل من هو مخالف يُفترض على الحكومة اتخاذ اجراءات صارمة بحقه واخراجه من البلد، وذلك انطلاقا من القوانين اللبنانية والدولية والاتفاقية الموقعة مع “المفوضية” عام 2003 والتي تؤكد ان لبنان ليس بلد لجوء”.
وإذ شدد على “عدم امكانية اي طرف منح بطاقة لجوء لاي نازح”، اكد ان “المفوضية” وكحد اقصى يمكنها منح “استلام طلب لجوء” على ان تحدد خلال سنة فقط وجهته المقبلة”.
اضاف: “مع انتهاء المهل القانونية كلها بتنا في حاجة الى قرار واضح من الحكومة يقتضي اتخاذ القرارات المناسبة بحق اي اجنبي ليس لديه اقامة، فضلا عن وجوب ابلاغ المفوضية عدم صلاحيتها بمنح مساعدات لاي شخص لم تُمنَح له صفة لاجئ، كي لا يفضّل البقاء في لبنان على العودة الى بلده، وفي حال عدم امتثال “المفوضية” يُطلب منها الخروج هي أيضا من لبنان”.
وفي موازاة ذلك، رأى جعجع انه “على وزير الداخلية الطلب من رؤساء الاجهزة الامنية توقيف كل سوري يمارس اعمالا لا يسمح القانون له بالقيام بها، ما عملت عليه الاجهزة سابقا ولكن بشكل محدود، اذ يبقى الاهم مصلحة لبنان العليا ووجوده”.
وتوقف جعجع عند النتيجة التي تحققت اثر عمل بعض المناطق والبلدات التي لـ”القوات اللبنانية” وجود وازن فيها، بالتنسيق مع البلديات التي اتخذت اجراءات جدية وتجاوبت معها الاجهزة الامنية بنسب متفاوتة، الا انه أكد ان “هذه الخطوة غير كافية، فالأمر يحتاج الى معالجة مركزية من الحكومة والدولة اللبنانية”.
ورداً على سؤال عن الفيديو الذي نشره “حزب الله” عن منشأة عماد 4 التي تتضمن مجموعة أنفاق كبيرة وتسييراً لعدد من الآليات العسكرية والصواريخ، أجاب: “أين كانت هذه المنشآت حتى الآن بعد سقوط اكثر من 550 قتيل من ضمنهم كوادر عسكرية؟ ولكن في الاحوال كافة لا يحق لحزب الله التصرف بمصير أكثرية الشعب اللبناني من دون موافقته، كما ان هذا المشهد كله غير شرعي وغير قانوني وما من احد يدافع عن البلد سوى حكومته وشعبه بحد ذاته، خصوصا ان هذه الانفاق بُنيت بمال ايراني، اي من المستحيل ان تكون لمصلحة لبنان”.
وعما اذا كانت تكفي ورقة الحكومة التي أُرسلت الى الدول المعنية حول الالتزام بالقرار 1701 والتعهد بإرسال عناصر من الجيش اللبناني الى الجنوب، والتي استتبعت بقرار من مجلس الوزراء، علق قائلا: “كلمات ليست كالكلمات، فالخطوة الوحيدة الجيدة في هذا الصدد هي تجنيد 1500 عسكري من الجيش اللبناني، ولكن اذا كانت للحكومة ترغب فعلا في بدء العمل، يتوجب على وزرائها، وبالاخص وزير الخارجية التوقف عن اصدار المواقف الخاطئة، الى جانب المبادرة فورا بالاجتماع مع المعنيين لوضع خطة تطبيقية جدية والموافقة عليها والبدء بتطبيقها”.
وردا على سؤال، أكد ان “لا خشية من ارتداد على الداخل اللبناني، إذ لا مؤشرات تدل على ذلك”. واضاف: “نحن لا نشارك في اي حرب نفسية، ولكن نحن ابناء البلد ويحق لنا التداول في واقعنا وحاضرنا ومصيرنا وعما نراه، خصوصا اننا نتمتع بالتوكيل الشعبي الأكبر الذي يفوق توكيل “حزب الله”، ورغم ذلك “ما بدنا نحط على عين حدا ولا الهدف نخاصم حدا”، فاللبنانيون يعيشون مأساة، ربما ستكون اعظم، في ظل رغبة اسرائيل بالحرب والجميع يعلم ذلك”.
اما عن العلاقة مع النائب السابق وليد جنبلاط، فقال: “تجمعنا علاقة مودة واحترام كما دائما، ولو ان هناك تباينا في المواقف في الفترة الأخيرة ولا سيما في الملف الرئاسي. وفي ملف الجنوب، أعتقد ان موقف “الحزب التقدمي الاشتراكي” غير بعيد عن موقف “القوات”، ولكنه يفضل مقاربته بطريقة اخرى الا ان ذلك لا يفسد في الود قضية”.
وسُئل عما اذا كانت “القوات” ستحتضن أهالي الجنوب في حال نزوحهم، أجاب جعجع: “إن الجنوبيين لبنانيون، و”القوات” ستلتزم بأي تدبير تتخذه الحكومة، وبالتالي لا داعي للمزايدة، ولكن يبقى السؤال الاهم من تسبب بنزوح اهلنا في الجنوب، ولماذا نعذبهم بهذا القدر؟”.