في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يواجهها لبنان، يتساءل الكثيرون عما إذا كان اللبنانيون في المهجر قادرين على إعادة النهضة للاقتصاد اللبناني من خلال جهودهم الشخصية.
يمتلك اللبنانيون المغتربون إمكانات هائلة في مجالات متعددة، مثل العلوم، والتكنولوجيا، والمجالات الاقتصادية، والصناعية، والفنية، ويبدو أنهم قادرون على لعب دور محوري في إحياء الاقتصاد اللبناني المتعثر.
قوة اللبنانيين في المهجر
يُقدَّر عدد اللبنانيين المغتربين بما يزيد على 14 مليون شخص، وهم موزَّعون في مختلف أنحاء العالم. تاريخيًا، لعب هؤلاء المغتربون دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد اللبناني من خلال التحويلات المالية الضخمة، إلا أن الإمكانات المتاحة لهم تتجاوز ذلك بكثير. النجاح الذي حققه العديد من اللبنانيين في الخارج يُظهِر كيف يمكن للخبرات والمعرفة والشبكات العالمية أن تساهم في إعادة بناء الاقتصاد اللبناني.
أمثلة على النجاح اللبناني في المهجر
كارلوس غصن
كارلوس غصن هو واحد من أشهر الشخصيات اللبنانية على الصعيد العالمي. كرئيس تنفيذي سابق لشركتي نيسان ورينو، قام غصن بقيادة تحول اقتصادي كبير في الشركتين وحقق نجاحات عظيمة. على الرغم من الجدل الذي يحيط به في السنوات الأخيرة، لا يمكن إنكار إسهاماته في عالم الأعمال. غصن مثال حي على كيفية استخدام الخبرة الإدارية لتغيير مؤسسات ضخمة. إذا تم توجيه هذا النوع من الخبرات نحو الاستثمار في لبنان، فقد يكون له أثر كبير في تحسين الاقتصاد المحلي.
جاك ناصر
جاك ناصر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة فورد موتورز، هو من أبرز الشخصيات اللبنانية في عالم الأعمال الدولية. تحت قيادته، تمكنت فورد من تحقيق نجاحات كبيرة، وهو يُعَدُّ من أبرز القادة في صناعة السيارات العالمية. يشغل حاليًا منصب رئيس شركة BHP Billiton، وهي شركة أسترالية متعددة الجنسيات للتعدين والمعادن والبترول. كما أنه يعمل حاليًا في مجالس إدارة شركة 21st Century Fox والمجلس الاستشاري الدولي لشركة Allianz. خبراته الإدارية الواسعة ورؤيته العالمية قد تكون مصدرًا قيمًا للبنان إذا تم توجيه مثل هذه الكفاءات نحو تطوير الصناعات المحلية.
طوني فاضل
طوني فاضل، المعروف باسم “والد الآيبود”، هو مهندس ومخترع لبناني-أمريكي كان له دور كبير في تطوير جهاز iPod والـ iPhone مع شركة أبل. فاضل أسس أيضًا شركة Nest Labs التي استحوذت عليها جوجل لاحقًا. إسهاماته في مجال التكنولوجيا والابتكار تعكس الإمكانات الهائلة التي يمكن للبنان أن يستفيد منها إذا تم استثمار هذه الخبرات في دعم الابتكار والتكنولوجيا المحلية.
رودولف سعادة
رودولف سعادة هو الرئيس التنفيذي لشركة CMA CGM، وهي واحدة من أكبر شركات الشحن في العالم. تحت قيادته، توسعت الشركة بشكل كبير وأصبحت قوة رئيسية في الشحن الدولي. نجاح سعادة في هذا القطاع يُظهِر كيف يمكن للبنانيين في المهجر قيادة مؤسسات ضخمة على المستوى العالمي وتوجيه تلك الخبرات نحو دعم الاقتصاد اللبناني.
نايلة حايك
نايلة حايك، الرئيسة التنفيذية لمجموعة سواتش العالمية ورئيسة مجلس إدارة شركة هاري وينستون، تمثل نموذجًا للنجاح اللبناني في صناعة الساعات الفاخرة. تمكنت حايك من قيادة هذه الشركات نحو النجاح العالمي، وهي تعكس الإمكانات الكبيرة للمرأة اللبنانية في المناصب القيادية العالمية.
نبيل حبايب
نبيل حبايب هو نائب الرئيس الأول لشركة جنرال إلكتريك والرئيس والمدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا. حبايب يُعتَبَر من القيادات البارزة في مجال الطاقة والتكنولوجيا، ويمتلك شبكة علاقات واسعة يمكن أن تُستخدم في جذب الاستثمارات وتعزيز البنية التحتية في لبنان.
فادي غندور
فادي غندور هو مؤسس شركة أرامكس، واحدة من أكبر شركات النقل والخدمات اللوجستية في الشرق الأوسط. غندور ليس فقط رجل أعمال ناجح، بل أيضًا مناصرًا للريادة الاجتماعية من خلال مؤسسته “رواد التنمية”. يؤكد نجاحه كيف يمكن للريادة الاجتماعية أن تساهم في خلق فرص عمل وتعزيز الاقتصاد المحلي إذا تم دعمها وتوسيعها.
سامر أبو لطيف
سامر أبو لطيف هو الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد ساهم في قيادة استراتيجية التحول الرقمي في المنطقة. أبو لطيف يُعتَبَر من القادة الذين لديهم رؤية متقدمة حول دور التكنولوجيا في التنمية، وهذه الرؤية يمكن أن تكون مفتاحًا لتحفيز الابتكار التكنولوجي في لبنان.
جورج الحيدري
جورج الحيدري هو الرئيس التنفيذي لمجموعة Lazard في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يتمتع بخبرة واسعة في مجال الاستشارات المالية والاستثمار، وقد قاد العديد من الصفقات الكبرى في المنطقة. شغل منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة HSBC الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. الحيدري يمكن أن يلعب دورًا حيويًا في إعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني من خلال استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتقديم المشورة للحكومة اللبنانية.
فادي كرم
فادي كرم هو المدير الإقليمي لشركة جوجل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد ساهم في تطوير استراتيجيات جوجل في المنطقة. نجاح كرم في قطاع التكنولوجيا الرقمية يُظهِر الإمكانات الكبيرة التي يمكن استغلالها في تحسين قطاع التكنولوجيا والاتصالات في لبنان.
جيمس زغبي
جيمس زغبي هو مؤسس ورئيس المعهد العربي الأمريكي (AAI)، وهو ناشط بارز في حقوق الإنسان والسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. زغبي عمل على تعزيز الحوار بين الثقافات والدفاع عن قضايا العرب الأمريكيين، ويمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في دعم لبنان من خلال تعزيز العلاقات بين المجتمع اللبناني والمغتربين في الولايات المتحدة.
ملاحظة: كل من سبق ذكرهم مجرد أمثلة بسيطة، وهناك الآلاف من الأمثلة الأخرى على نجاح اللبنانيين في المغترب في جميع مناحي الحياة الاقتصادية، وكل شخص منهم مهم جدًا ليأخذ دوره في إعادة لبنان لسابق عهده في النهضة، ومتابعة المسير نحو مستقبل مشرق.
التحديات التي تواجه المغتربين في دعم الاقتصاد اللبناني
على الرغم من الإمكانيات الكبيرة، يواجه المغتربون اللبنانيون عدة تحديات في مساعيهم لدعم الاقتصاد الوطني:
– البيروقراطية والأنظمة المعقدة: تعاني البيروقراطية في لبنان من تعقيدات إدارية تعيق عملية الاستثمار وتسهيل الأعمال، مما يحد من قدرة المغتربين على تحقيق تأثير فعلي.
– عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي: الأوضاع غير المستقرة في لبنان تجعل من الصعب على المغتربين اتخاذ قرارات استثمارية طويلة الأمد، حيث يترتب على ذلك مخاطر عالية تتعلق بالأمن الاقتصادي والسياسي.
– نقص البنية التحتية التكنولوجية: ضعف البنية التحتية التكنولوجية يعيق نقل المعرفة والمهارات من المغتربين إلى لبنان، مما يقلل من فعالية الجهود المبذولة في هذا المجال.
استراتيجيات لتعزيز دور المغتربين في النهضة الاقتصادية
لتعظيم استفادة لبنان من جهود مغتربيه، يمكن اتباع عدة استراتيجيات:
– تسهيل الإجراءات الإدارية: تبسيط إجراءات الاستثمار وتقديم حوافز مالية للمغتربين الراغبين في الاستثمار في لبنان.
– بناء منصات تواصل: إنشاء منصات تواصل فعّالة تربط بين المغتربين ورواد الأعمال اللبنانيين، مما يسهل تبادل الأفكار والخبرات.
– تعزيز التعليم والتدريب: الاستثمار في برامج التعليم والتدريب التي تساهم في نقل المهارات والمعرفة من المغتربين إلى الكوادر المحلية في لبنان.
– تشجيع الشراكات الدولية: دعم إنشاء شراكات بين المؤسسات اللبنانية والدولية التي يقيم فيها المغتربون، مما يسهم في جذب الاستثمارات وتوفير فرص تعاون دولي.
التحويلات المالية والاستثمار
التحويلات المالية من اللبنانيين في المهجر تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد اللبناني، ولكن هذه التحويلات يمكن أن تكون أكثر فعالية إذا تم توجيهها نحو استثمارات طويلة الأمد في البنية التحتية، والتكنولوجيا، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
الاستثمار في التكنولوجيا
التكنولوجيا هي واحدة من القطاعات الواعدة في لبنان. مع تزايد الاعتماد على الرقمنة عالميًا، يمكن للمغتربين اللبنانيين الذين حققوا نجاحات في وادي السيليكون والمراكز التقنية الأخرى أن يقوموا بإنشاء شركات تكنولوجية في لبنان، مما يخلق فرص عمل جديدة ويحفز الابتكار.
الخاتمة
يتمتع اللبنانيون في المهجر بإمكانات هائلة لإعادة النهضة للاقتصاد اللبناني، ولكن هذا يتطلب تعاونًا واسعًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمغتربين أنفسهم. إذا تم توجيه هذه الجهود بشكل منسق ومدروس