جبهات يخفت عصفها في شرق أوسط متحرك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برغم من قساوة المشهد لجرح غزة النازف، وعار الصمت الدولي، خذلان العرب أمام جريمة حرب إبادة يرتكبها الغرب بذراع اسرائيلية ،حرب إبادة بأبعاد دولية ترسم خرائط جديدة لتوازنات السيطرة على منطقة الشرق الأوسط لحكم العالم كله، انطلاقا من موقع حاكم وثروات كبيرة في مقدمها النفط، سلعة الاستراتيجية شريان حياة الاقتصاد العالمي مربوطة بالدولار الاميركي ، مكن سيطرة الغرب على العالم لعقود، تكرست بتحكم امريكا بالعالم ضمن سياسة القطب الأوحد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وغياب التوازن الدولي لعقدين من الزمن، ملئهم أميركا بالحروب وتسعير الخلافات الدولية ومزيد من الأطباق على العالم والأنظمة بسلاح السياسة والاقتصاد مجيرتا المنظمات الدولية التي فقدت اهدافها وحولها الغرب عصا غليظة على جسد الشعوب والأمم، مغلفة بشعار الحرية، الكذبة التي انكشف زيفها أمام ما يجري من حرب إبادة في غزة الأميركي ومعه الغرب شركاء فيها، لم تهز ضمائرهم عشرات آلاف الضحايا من المدنيين الأبرياء بسلاح أميركي ومرابضة وحضور غربي لدعم اسرائيل في مواجهة فصائل مقاومة وصمود شعب اختار المواجهة سبيل حياة والثبات بالارض افضل طرق مواجهة عدو يعمل لازلته من أرضهم واستكمال مشروع اسرائيل الكبرى لشرق أوسط أميركي جديد ، شريانه خط الحرير الذي يربط قلب الشرق بالغرب ويشكل قوة تحاصر روسيا والصين تكبح جماح تقدمهم وتضرب إيران قبل أن تتحول كوريا الشمالية في قلب الشرق الأوسط، مشروع يؤمن الحياة لاسرائيل والاستمرار بالتوسع ويعطي أمريكا مزيد من السيطرة وببقي العدو بموقع ومكانة قوة بالعالم ، وليس بالمنطقة فحسب بدور يتجاوز حدود الفرات والنيل بما فيهم مملكة نعوم،والتي بدء حجر الأساس فيها تحت مسمى نيوم neom في السعودية ضمن خطة 2030 للملكة التي تقود لإعلان التطبيع وإخراجه من اقبية المؤتمرات والعلاقات السرية التي ترعاها واشنطن حتى قبل نشات كيان اسرائيل .
لكن طوفان الأقصى كان بمثابة رصاصة على المشروع كله تحول نقطة بدلت الموازين كحرب دولية على جبهة داخلية، شكل حقل اختبار لقدرة الغرب واسلحته في حرب شاملة أوسع، كان نتيجتها تبدل المشهد العام وسقوط قوة اسرائيل بعد فشل جيشها، وقدرة المقاومة بفصائلها المحدودة برغم الحصار من قيادة الجبهة والمحافظة على مطالب فصائلها مقابل فشل اسرائيلي مطلق بدء برسم اهداف كبيرة وتراجع إلى المفاوضة على مطالب فصائل المقاومة ،بعد عجزه عن حماية المستوطنات بغلاف غزة وفي الشمال مع لبنان، قبل أن تسقط كامل منظومة الردع والحماية بوابل من استهدافات المقاومة نتيجة ردها النوعي على العدو الاسرائيلي الذي كرس توازن بالقوى أجبر الاسرائيلي على قواعد خفت معها عصف الجبهة، وتراجعت مساحة المواجهة أمام مشهد تفوق عسكري للمقاومة وقناعة عند العدو الاسرائيلي أن الحرب مع لبنان خاسرة ومفتوحة على احتمالات صعبة ، ولم يبقى عامل الوقت بصالح العدو الذي بدأ يعاني من الداخل قلق تمزق بالمجتمع، انقسامات ظهرت حقيقة اسرائيل كيان لقيط مصطنع متعدد الاثنيات والعرفيات جمعتهم أسطورة ارض المعاد حلم الوطن البديل ، وتحولت أكثر خطرا عليهم بسبب تعنت نتنياهو ورهنه الكيان بمقامرة تخدم مصالحة الشخصية تعفيه من محاكمة نتائجها سلبية أدخلت التململ حتى لرعاته الغربيين وبقيت المعضلة الوحيدة تكمن بافتقاد أميركا لشخصيات قيادية وهي واقعة تحت حكم رئيس عاجز ومنافس مقامر، مشهد ارخي على الواقع حالة توازن عسكري تقود حتما لتهدئة يحتاجها الإسرائيلي ولا تمانعها المقاومة وهذا ما سنشهده بالايام المقبلة، هدوء على الجبهات ولو كان بدون هدنة، وقد يستمر لما بعد الانتخابات الأميركية
د.محمد هزيمة
كاتب سياسي وباحث استراتيجي