من خلف أشجار الزيتون غرب الكرم أصوات رجل وأولاده يندهون مشجعين نادي النجمة،يبدو ان الفريق أحرز هدفاً يرضي جمهوره.
خلف شجرة التين في زاوية الكرم جنوبا صوت قاريء عزاء يتلو السيرة الحسينية عن روح شهيد سقط قبل أيام دفاعا عن كرامة البلاد.
من جنوب البلدة يُسمع دويّ انفجارات غير بعيدة تهتز لها جدران بيوت حاروف،اخبرنا صاحبنا للتوّ انهم يقصفون كفركلا بقنابل ارتجاجية لهدم أنفاق محتملة للفدائيين.
في الكرم عراك بين قطّتين غير معروف السبب لغاية الان وزقزقة عصافير على تناسق مع نغمة لحن “رجع ايلول وانت بعيد بغيمة حزينة قمرها وحيد”.*
الناس أجناس واهتماماتهم جدا مختلفة ولولا الكيدية والتنافس و النكايات لسقطت الناس في إكتئاب وجودي.
وحده الصراع بينهم يبقيهم احياء.
الصراع من أسرار حركة الحياة،من دونه يعود الكون كله للسكون.
كان الضجيج والصراع مع الكلمة الاولى.
في البدء كان السرّ وفي البدء كان السكون ثم كانت الكلمة.
أحرف الكلمة ضجيج،تنافس بين حروف الابجدية،صراع بين الكاف والقاف وبين الطاء والظاء والصاد والضاد وبين العين والغين و بين الراء والزين والدال و الذال.
هنا لا توافق ابداً.
الحيوية هنا في اصطدام الأضداد لا في وحدتها،في تثبيت النفي لا في نفيه.
هنا الخطوة إلى الأمام يتبعها الف خطوة إلى الوراء.
الف سقطة.
هنا الانتصار ينصر نفسه والهزيمة عار.
هنا تجد صعوبة في فهم الآخر،الآخر هنا ليس آخر بل هجوم مركّز على كل الجبهات.
ممنوعة هنا التسويات،اي لقاء حول كوب قهوة ليس غير فرصة لتصفية الحسابات ولإسقاط الهموم على بعضهم البعض ليكون الشجار.
لا يعيشون بلا تناقضات.
الشجار عراك والعراك صراع والصراع اساس حركة الحياة بين الناس والا لاختفت الحيوية لصرنا مجتمعا سويديا او نروجياً حيث يسكن السأم والضجر.
الحمدلله اننا لا نسأم.
الضجر لا يعرفنا ولا نعرفه.
وغداً صراع جديد.
#د_احمد_عياش.
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز شكرًا على المتابعة.