اقلام

نتنياهو واقع ضاغط خيارات مكلفة وافق يضيق.

نتنياهو واقع ضاغط خيارات مكلفة وافق يضيق

لم يبقى الوقت يلعب لصالح كيان اسرائيل، وكل لحظة تزيد من الضغط على حكومة العدو وتشد الخناق على رئيسها ، الذي يتخبط بواقع صعب نتيجة صعوبة الميدان وفشل جيش العدو الاسرائيلي في تحقيق أي من أهدافه المرتفعة ، بالتوازي مع إخفاق سياسي داخلي بين المعارضة والحكومة وحتى داخلها، اشتدت حدته في الأيام الأخيرة بين نتنياهو من جهة ووزير دفاعه من جهة أخري بالوقت الذي تعلو فيه اصوات المعارضة في الداخل على وقع اصوات أهالي الأسرى الذين تحتجزهم المقاومة ويناور نتنياهو بالتفاوض والدخول بصفقة تعيدهم وتنهي جولة الحرب الحالية ضمن شروط صفقة تبادل وضع أسسها البيت الأبيض الأميركي ،عطلها نتنياهو وأظهر عدم جديته وحكومته في إبرام صفقة التبادل لحسابات شخصية تخدم مصالحه الخاصة وتدخل في إطار ابتزاز الإدارة الأميركية الحالية لصالح وصول حليفة ترامب إلى البيت الأبيض، ضمن سباق الرئاسة الأميركية خلال فترة أشهر ، لا زال يعمل خلالها نتنياهو لجر أميركا ومعها الغرب إلى حرب في الشرق الاوسط وتوريطهم بجبهة مع إيران على اعتبار اي مواجهة تخدم بقاءه في السلطة ، ويعول عليها في تحقيق نتائج عسكرية بعد فشل جيشه وغرقه في غزة أمام فصائل المقاومة التي كان يعتبر نتنياهو ان معركتها سهلة ، ودخل الحرب بأهداف مرتفعة فشل عن تحقيق أي منها، ووصل إلى واقع سياسي تحول فيه عاجزا عن توقيع اتفاق هدنة يوقف من خسارة اسرائيل ومزيد من غرقها بمعركة خاسرة ،بعد توحد ساحات المقاومة بجبهة واحدة ، شكلت بداية انتصار معنوي أرتسمت معالمه بالميدان من لبنان الجبهة الأخطر على العدو الاسرائيلي وصولا إلى اليمن وباب المندب مرورا بالمقاومة العراقية السورية وجمر الضفة الغربية ، تضاف لتقمة شعبية على مستوى العالم حتى الغربي منه، أحرج المنظمات الدولية وألزم محكمة العدل الدولية ملاحقة نتنياهو ووزير دفاعه والعمل لإصدار مذكرات توقيف بحقهم برغم التدخلات الأميركية التي استخدمت فيها واشنطن حق النقض بمجلس الأمن مرارا لدعم جرائم اسرائيل ولم توقف حتى اللحظة خطوط امدادها العسكري ودعمها المادي، لا بل حضرت تجر معها أساطيل الغرب ترابض بالبحر لحمايتها وعجزت كما القبة الحدية وأنظمة الردع الصهيونية من اعتراض صاروخ أطلقته القوات اليمنية استغرق وصوله إحدى عشرة دقيقة واصاب هدفه بدقة متبوعا بعشرات الصواريخ الاعتراضية التي انهمرت على رؤوس المستوطنين انزلتهم إلى الملاجئ بإطار حرب مفتوحة اثبت فيها المقاومة تفوقها الميداني وتحقيق أهداف استراتيجية في استدراج العدو لحرب استنزاف طويلة تتعارض مع العقيدة القتالية التي بني عليها وخسر ما يزيد عن العشرة بالمائة من عدد جنوده وضباطه بين قتيل جريح ومعوق، بالوقت الذي عجز عن حماية مستوطنات غلاف غزة وشمال فلسطين على الحدود مع لبنان بعد فتح معركة حدد هويتها السيد حسن نصرالله جبهة إسناد لدعم صمود غزة ونجح الحزب في إدارتها بتشتيت قوات العدو وفرضه إعادة انتشار شبه يومي بتموضع متحرك خسر فيها الاسرائيلي معظم نقاط القوة نتيجة استهدفها من المقاومة
وعطلت عملها :
ا ـ قواعد المراقبة والتحكم للسيطرة الجوية في ميرون واخواتها بمرتفعات الجولان
ب ـ أعمدة التجسس والمراقبة واجهزة التشويش الالكتروني
ج ـ استهداف مراكز القيادة والتحصينات
ـد- افراغ الثكنات العسكرية والمواقع
ه ـ سقوط منظومة الردع والحماية بفشل القبة الحديدية
وـانكشاف الداخل الأمني والعسكري للكيان بعد عمليات الهدهد
ز ـ تدمير البنية التحية العسكرية بالمسيرات الانقضاضية
أربك هذاجيش العدو الاسرائيلي الذي عوض أمنيا بدعم غربي سخرت له مقدرات الحكومات باستخباراتها وتجهيزاتها لخدمة إجرامه وتنفيذه عمليات اغتيال حتما لن تعوض خسارته الميدان او داخل مجتمعه الممزق من الداخل ، وبشهادة رئيس اركان جيشه أمام الكنيست أكد صعوبة الواقع في الشمال وإقراره بصعوبة اي مواجهة محتملة وتفوق المقاومة بحجم جبهة عريضة تبدأ بالناقورة اللبنانية وتمتد لما بعد مرتفعات الجولان تزيد عن مائة كيلومتر بتضاريس جغرافية وعرة وطبيعة قتالية صعبة، استفاد منها حزب الله اعداد وتجهيز وحولها مقدرات تخدم اية مواجهة تكرس سيطرته النارية على مسافة تزيد عن الخمسين كيلومترا داخل فلسطين المحتلة، وهذا مؤشر كاف لواقع المواجهة التي عرف نتنياهو خطورتها، ويهول بحربها لمزيد من ابتزاز إدارة الرئيس الأميركي بايدن ، وفيها رسائل للداخل الماذوم والمجتمع الغارق بكيان مكشوف فاقد قدرة الردع عجزت معه أساطيل الغرب عن اعتراض صاروخ يمني يتيم انزل الكيان الي الملاجئ ، وترجم ردات فعل ضيقت هامش المناورة على نتنياهو مع وزراء حكومته الذين كانوا يمنعونه من إبرام صفقة تبادل الأسرى، بدا نتنياهو العمل لتجاوزها باتصاله بالمعارضة طالبا دعمها في ائتلاف حكومي مؤقت يضم الية احزاب المعارضة تتيح له قدرة السير بصفقة التبادل ضمن هدنة محددة وتستمر حكومته حتى الانتخابات القادمة المقررة عام ٢٠٢٦ يبقى بعيدا عن سيف المحاكمة والمحاسبة القضائية، او فتح ملف إخفاقات الحرب حتى وصول ترامب الذي يراهن على تسوية كبيرة، الشرق الأوسط جزء منها وهو خيار أسلم لنتنياهو:
يوقف خسارة اسرائيل بمفهومه بعد أن اسديت له نصائح أميركية حتى من UPAC الاسرائيلي في أميركا وبعض أجهزة الاستخبارات الغربية، وكذلك مراكز الدراسات الدولية والابحاث الاستراتيجية العالمية، نصحت نتنياهو بوقف الحرب وحذرت من توسعها ومن مغامرة فتح جبهة الشمال نظرا لخطورتها وصعوبة نتنائجها ، وهذا سبب برودة بالتعاطي والابتعاد عن الأحزاب المتطرفة، وكان الشرارة التي ألهبت الخلاف مع وزير دفاعه الذي لن يقبل أن يتحمل مسؤولية فشل الحرب، ويريد فتح جبهة الشمال مع لبنان رغم معرفته وتيقنه من خسارة المعركة ونتائجها الكارثية ، الا أنه يرفض أن يكون ضحية نتنياهو بالداخل، ويؤكد ان صعوبة الداخل الاسرائيلي لا تقل عن إخفاقات الميدان ونتائج الجبهات

د.محمد هزيمة
كاتب سياسي وباحث استراتيجي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى