محور المقاومة يُخِيْفُ ولا يخاف
بقلم د. حسن أحمد حسن (*)
ملاحظة مفتاحية قبل قراء المقال:
لا أحد ينكر أن الإرهاب الإلكتروني الذي أضافه الكيان الإسرائيلي إلى سجل جرائمه بتفجير آلاف الأجهزة (بيجر ــ أجهزة اتصال لاسلكي ــ وغيرها) قد أدى إلى ضربة مؤلمة وقاسية، بل هي الأشد تأثيراً حتى تاريخه، والحكم على نتائجها النهائية يكون بعد الرد الحتمي ا القادم لا محالة، ويُفْتَرَضُ أن يكون الأنسب، وليس المناسب فقط، وفي جميع الأحوال هذه هي طبيعة الحروب الكبرى عبر التاريخ، لكن لا يحق لكل من يؤمن بالحق وبانتصار الحق وأنصاره أن يكون مشاركاً في تعميم الخوف واليأس والإحباط من حيث يدري أو لا يدري…
مقالي المرفق بعنوان (محور المقاومة يخيف ولا يخاف) كتبته ليل الاثنين وأرسلته صباح الثلاثاء:17/9/2024م. لنشره في صحيفة البناء الغراء يوم الأربعاء، لكن حدث ما حدث، وتم تأجيل نشره إلى اليوم الخميس 19/7/2024م. بدلاً من الأمس، وفي هذا كل الخير، لأن بنية المقال قائمة على تقديم رد علمي وواقعي مدعوم بالحجج والبراهين على كل أصوات المهزومين من الداخل، ومن طاب لهم العزف على وتر جلد الذات، وتعميم ثقافة الضعف والقبول بما يمكن أن يتوفر، وهذا أخطر ما في الحرب على الوعي المجتمعي… وسأكتب مقالاً مستقلا وخاصاً بهذا الأمر…
مع فائق مودتي وتقديري لجميع الشرفاء الأنقياء المؤمنين بحتمية انتصار الحق والنهج المقاوم…
أخوكم د. حسن
………..
محور المقاومة يخيف ولا يخاف….
مقال نشر في موقع البناء
من حق المتابع العادي أن يتساءل عن سر التزامن بين كل صفعة شديدة تتلقاها تل أبيب وبين تنشيط الحركة الدبلوماسية، وتكثيف إرسال المبعوثين والمسؤولين الذين يدورون بشكل أو بآخر في الفلك الصهيوــ أمريكي، أو غيرهم ممن يرتبطون بعلاقات جيدة مع الكيان الإسرائيلي، بالتكامل مع حمى إعلامية على مدار الساعة للتهويل والتحذير، والتهديد بلغة الحرص على هذا الطرف أو ذاك من أطراف محور المقاومة، فمتى كان الغرب الأوربي الأطلسي حريصاً على مصالح لبنان الدولة المستقلة السيدة القوية بقدراتها الذاتية، ما لم تكن خلفية الحرص المُدَّعى الخوف على أمن الكيان المؤقت؟ ومتى كانت الدول العربية الغارقة إلى ما فوق الأذنين بالتطبيع والتنسيق والتكامل مع الطروحات الإسرائيلية مهتمة بسلامة هذا الطرف المقاوم أو ذاك، والأهم متى كان أولئك فرادى ومجتمعين يعنيهم الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الجيوستراتيجية من العالم، ما لم يكن الهدف الرئيس والأول إطلاق يد “إسرائيل” أكثر فأكثر لمتابعة حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري وكل ما يصب في هذا الاتجاه منذ ما قبل إنشاء الكيان عنوة عام 1948 وحتى يومنا الحاضر؟
لا يحتاج المتابع العادي إلى كبير جهد وعناء ليتأكد أنه منذ اللحظات الأولى للإعلان عن وصول البأس اليمني على جنيحات” شفرات توجيه” الصاروخ فرط الصوتي المبارك “فلسطين2” إلى ضواحي تل أبيب والعالم يكاد يمور بالتهويل والتهديد ورفع السقوف، والتحذير من الويل والثبور وعظائم الأمور، ما ظهر منه وتم تسريبه، أو ما استتر ولا أحد يستطيع تصور حجم الدمار والقتل والفتك والبطش الذي سيرافق توسيع الحرب في المنطقة، وإصرار نتنياهو وفريقه القاتل على إحراق المنطقة بمن فيها…و … والخ.. على رسلكم يا أحباء صهيون، و الهوينى الهوينى يا فرسان الخيل التي تسابق الليل وهي تنشر رواياتها وسردياتها الممجوجة عن فقدان القدرة على لجم الوحش المسعور الذي تكاثرت جراحه، وازدادت غزارة دمائه النازفة على مدار الساعة… يمكنكم توفير الجهود والطلب من مشغليكم أن يعلنوا أنهم قرروا السماح لنتنياهو وزعران حارته الضيقة بفعل ما يريدون، وراقبوا بعد ذلك كيف ينزل نتنياهو صاغراً عن الشجرة التي تسلقها قبل أن يشتد هوج العواصف فيكسر الشجرة ويسقط أحمق تل أبيب ليُدَقَّ عنقه بأرض الواقع الذي تؤكد حقائقه إن مسؤولية إشعال المنطقة بحرب إقليمية فوق طاقة “إسرائيل” وأحبائها القريب منهم والبعيد بآن معاً، وعلى أولئك أن يدركوا أيضاً أن ألاعيبهم وأضاليلهم غدت مكشوفة لأصغر طفل في محور المقاومة من أقصاه إلى أقصاه، وعندما تقول أطراف هذا المحور أنها لا تسعى لإشعال حرب في المنطقة فإن الخطاب المقاوم لا يتوقف عند هذه الجزء من المطلوب إيصاله للجميع، بل يكمل الخطاب ليفصّل ويبين أن المحور لا يخشى اندلاع هكذا حرب يتم التلويح بها، ويضيف إن الجميع أعدوا واستعدوا لما هو أكبر بكثير مما قد لا يخطر على أذهان أكثر المتشددين في تل أبيب وواشنطن وبقية العواصم الموصومة والموشومة بنجمة داؤود المسروقة تتوسط الأزرقين كناية عن النيل والفرات، فخففوا من غلوائكم يا أيها المفتونون بقوة تل أبيب وأكملوا قراء قوله تعالى: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) فالتوقف عن قوله لا تقربوا الصلاة يأخذ العاملين بهذا الشأن إلى ضفة أخرى.
على رسلكم يا جنود الكيان وخَدَمِهِ المذعنين الذين لا يعصون له أمراً، فإذا كنتم ارتضيتم لأنفسكم الذلة والخضوع والتبعية، فأبناء الحضارات الأعرق في التاريخ ليسوا كذلك، وإذا كنتم ترتعدون خوفاً من تقطيب حاجبي النتنياهو فأبناء العروبة الأقحاح في اليمن وبقية أطراف محور المقاومة لا يخافون إلا من الله جل وعلا، ومحور المقاومة يخيف أعداءه ورهط النخاسة من العبيد المأجورين لديه… نعم محور المقاومة يخيف ولا يخاف، ويخوّف غيره إذا ركب رأس التهور والحماقة، ولا يخشى أية مواجهة أو صراع أو حرب مقيدة أو غير مقيدة، فوفروا على أنفسكم عبثية العناء والجهود التي تبذلونها لأن رياح المقاومة تذرو كل ما تسوقونه كهشيم في يوم عاصف.
إن وقفة متزنة هادئة مع رسائل الصاروخ اليمني المنتشرة في أرجاء تل أبيب وما حولها كفيلة بتوضيح الصورة لمن يريد أن يرى ويبصر، ومن يصر على إغماض عينية ويرضى أن تتم تغطيتهما بجلد أسود سميك لضمان توافق البصير والبصيرة المعمية فهذا شأنه، لكن الواقع يصدح بالكثير من الحقائق والمؤشرات والمعطيات ومنها:
• امتلاك اليمن تقنية تصنيع الصواريخ فرط صوتية، والنجاح في إطلاقها ووصولها إلى الهدف المحدد على مسافة/2040كم/ وبوقت لم يتجاوز /11،30/ دقيقة، ومن يمتلك الصواريخ فرط صوتية ويصنعها يفرض الخوف منه على الأخرين، وإن كانوا الأقوى عسكريا على الصعيد العالمي.
• الارتباك وتشوش الرؤية في الإعلام الإسرائيلي وتخبط القادة السياسيين والعسكريين، والاكتفاء بإطلاق التهديدات المتزامنة مع العجز المطبق عن اعتراض الصاروخ ومنعه من الوصول إلى هدفه، وإذا كان نتنياهو حريصا على اجترار كلمات غالانت غداة الاعتداء على الحديدة في اليمن وقوله إن الشرق الأوسط يرى النيران المشتعلة في الحديدة، فالرد الأبلغ قد تبلور عندما رأى الشرق الأوسط والعالم النيران تشتعل في محيط تل أبيب.
• تشكيل لجان للتحقيق في أسباب فشل اعتراض الصاروخ اليمني مقدمة صالحة للبناء على قراءات مختلفة، وبخاصة أن المسافة التي قطعها الصاروخ طويلة جداً، وهذا يعني:
ـــ عجز فخر الصناعة الأمريكية والبريطانية عن اكتشاف الصاروخ بعد إطلاقه، أو أنه تم اكتشافه، لكن لم يستطيعوا اعتراضه، وهذا يعني عجزا أكبر، وهو عجز مركب تشترك فيه وتتقاسم خيباته: الولايات المتحدة الأمريكية ــ بريطانيا وبقية الغرب الأطلسي المنتشرة بوارجه في مياه المنطقة وما حولها ـــ الكيان الإسرائيلي بمنظومات دفاعه الجوي المتعددة/حيتس ــ مقلاع داؤود ـــ القبة الفولاذية وغيرها/.
ــ تأكد الفشل في اعتراض الصاروخ اليمني بعد اكتشافه بدليل إطلاق صفارات الإنذار في جميع مناطق الداخل الإسرائيلي، والحديث عن إطلاق أكثر من عشرين صاروخ اعتراضي من منظومات تنتمي لطبقات متعددة على مستوى الاعتراض الصاروخي يثبت تفوق الصاروخ اليمني على كل ما يوصف بأنه من منجزات فخر الصناعة الحربية الإسرائيلية والأمريكية والأطلسية.
ــ إرغام أكثر من مليوني مستوطن على التدافع والتواري في الغرف المحصنة خوفاً من صاروخ واحد، فكيف إذا كانت الصواريخ المنطلقة عشرات الأضعاف، وكيف إذا كانت المسافة التي تطلق منها قريبة، وبخاصة أن مثل هذا النوع من الصواريخ يمكنه الوصول إلى هدفه في أقل من دقيقة، أي أن منظومات الدفاع الجوي بمستوياتها المختلفة لن يكون أمامها متسع من الوقت للتعامل مع الأمر في حال تكرار حدوثه، وباختصار يمكن القول من ينجح بإدخال مليوني مستوطن إلى الملاجئ بصاروخ واحد يخيف ولا يخاف.
• الحديث عن تسريب خطط عسكرية اعتمدها ضباط إسرائيليون، وما شابهها من خطط لاجتياح لبنان، وفصل البقاع عن بيروت والجنوب، وكذلك فصل لبنان عن سورية بالقوات العسكرية البرية العاملة على الأرض أقرب ما يكون إلى الهرطقة وأحلام اليقظة، فبأي قوات برية سينفذون ذلك؟ هل سيستقدمون قوات أجنبية عاملة على الأرض، أم أن جيشهم العاجز بعد قرابة عام عن التثبيت في قطاع غزة المحاصر هو من سينفذ ذلك، بغض النظر عن استقالة كبار جنرالاته، وتقديم أكثر من ألف ضابط من رتب مختلفة طلبات يرفضون فيها تجديد عقود تطوعهم؟ … مثل هذا الجيش يخاف ولا يخيف.
• من المتوقع والمحتمل أن ترتفع حمى التصعيد الإسرائيلي والأطلسي بقيادة واشنطن ضد اليمن في الأيام القريبة، ولن تكون نتيجة ذلك إلا مراكمة خيبات جديدة تضاف إلى سجل خيباتهم الذي لم يعد يتسع للمزيد، شأنه شأن سجون الاحتلال ومعتقلاته المتناقضة مع كل ما له علاقة بإنسانية الإنسان.
• كل ما ذكر مرتبط بتطور الأحداث وتداعياتها قبل تنفيذ الرد الإيراني الحتمي على توحش حكومة نتنياهو واستهداف قلب طهران العاصمة، وعندما يأتي الرد الإيراني سيكون للحديث نكهة أخرى، ووجهة جديدة تؤكد للعالم أجمع أن محور المقاومة لا يخاف ولا يُخَوَّف، بل يخيف ويرعب من استشرت شرورهم وجرائمهم وإرهابهم وعربداتهم، وآن لكل ذلك أن يتوقف.