حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان، من “خطورة التضليل المستمر الذي تمارسه إسرائيل لتبرير جرائمها ضد اللبنانيين على أراضيهم. فمنذ بداية العدوان الموسّع على لبنان ارتكب الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 مجزرة بحق المدنيين وحاول إضفاء الشرعية عليها وتبريرها بحجّة استهدافه لأهداف عسكرية أو القيام بعمليات اغتيال عسكريّة أو سياسيّة”.
وقال: “إن غارة إسرائيلية دمّرت مبنيين في منطقة القائم في الضاحية الجنوبية لبيروت في 20 أيلول 2024 أدت إلى مقتل 54 شخص وإصابة أكثر من 60 جريحا، ليعلن الجيش الإسرائيلي بعدها أن الاستهداف كان ضد اجتماع لقيادات في حزب الله. وبذات النمط، ادعى الجيش الإسرائيلي استهدافه لقيادي في حزب الله في 23 أيلول 2024 بغارة على مبنى سكني في منطقة حي ماضي ممّا أدّى إلى إصابة 6 أشخاص. وفي 24 أيلول استهدفت غارة مبنى سكني في منطقة الغبيري في بيروت ممّا أدّى إلى مقتل 6 مدنيين، حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه بدأ يهاجم “أهدافاً” في بيروت.
في 25 أيلول 2024 استهدف الجيش الإسرائيلي منطقة الغبيري مجدّداً، وأسفرت الغارة عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 15 آخرين تحت ذات الادعاء. وفي اليوم التّالي، أي في 26 أيلول 2024، استهدفت غارة إسرائيلية منطقة القائم في الضاحية الجنوبية لبيروت ممّا أدى إلى مقتل مدنيين اثنين معه وإصابة 15 جريح، مدعيا كذلك انه اغتال أحد قيادات حزب الله، ليكون هذا الاستهداف الرابع للضاحية الجنوبية لبيروت في أقل من أسبوع مع العلم أنها منطقة سكنية مكتظة بالسكان.
وبتاريخ 27 أيلول 2024 قصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت نحو عشر مرّات بأقل من 3 دقائق مستهدفةً المقر الرئيسي لحزب الله، بحسب الجيش الإسرائيلي، ما أدّى إلى تدمير 7 مبان سكنيّة بالكامل في حارة حريك، مستهدفة أمين عام حزب الله. وفي اليوم نفسه استهدف الجيش الاسرائيلي منزلاً في بلدة بعدران الشوف متذرّعاً استهداف أحد العناصر التابعة للحزب في حين أسفرت الغارة عن وقوع 8 قتلى من المدنيين 5 منهم نازحين و3 من أبناء البلدة وجرح ما لايقل عن 5 آخرين، لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي على لبنان منذ 8 أكتوبر 2023 وحتّى يوم السبت 28 أيلول 2024 إلى 1640 قتيل، من بينهم 104 أطفال و194 امرأة، و8408 جريح. ولفتت أنه خلال العدوان الإسرائيلي الموسع، بين 16 و28 أيلول الجاري، قتلت إسرائيل 1030 شخصاً من بينهم 56 امرأة و87 طفلاً، كما بلغ عدد الجرحى 6352 جريحاً.
في 29 أيلول 2024 ارتكب الجيش الاسرائيلي مجزرة جديدة في منطقة زبود في البقاع الشمالي بعد أن أغار على مبنى سكني، فقتل ما لا يقل عن 17 شخص من العائلة نفسها. وفي اليوم نفسه قتل الجيش الإسرائيلي 71 شخص وجرح أكثر من 100 آخرون نتيجة غارة إسرائيلية على مبنى في عين الدلب في صيدا.
واستمرت المجازر ضد المدنيين تحت ادعاء عمليات الاغتيالات العسكرية في شهر تشرين الأوّل الجاري، ففي 1 تشرين الأوّل 2024، نفّذ الجيش الإسرائيلي غارة على مخيم عين الحلوة مستهدفاً قائد كتائب شهداء الأقصى ممّا أدى إلى مقتل 6 أشخاص من بينهم إمرأتان و 3 أطفال. وفي 3 تشرين الأوّل استهدف الجيش الإسرائيلي منطقة الباشورة بحجّة استهداف عناصر للحزب، فاستخدم الفسفور الأبيض وهو سلاح محرم دوليًّا، وقتل 7 مسعفين من الهيئة الصحية الإسلامية في مركز الدفاع المدني التابع لها بعد أن استهدفتهم مباشرة وأصاب آخرين.
في 4 تشرين الأوّل، استهدف الجيش الإسرائيلي مخيم البدّاوي لاغتيال قيادي في كتائب القسّام ما أدى إلى مقتله مع زوجته وطفلتيه.
وفي 5 تشرين الأوّل استهدف الجيش الإسرائيلي مبنىً سكنيًّا في منطقة الجيّة إقليم الخرّوب متذرّعاً بعملية اغتيال جديدة دون تحديد هوية الشخص المستهدف فوقع نتيجتها قتيلين و 18 جريح من المدنيين. وفي اليوم نفسه استهدف مبنى سكني آخر في بلدة كيفون قضاء عاليه وأسفر استهدافه عن مقتل 6 أشخاص وجرح 13 آخرين، ومبنى آخر في بلدة القماطيّة ممّا أدّى إلى مقتل 6 أشخاص آخرين من بينهم 3 أطفال وإصاية 11 جريح.
وفي تصعيد خطير آخر ضد المدنيين، استهدف الجيش الإسرائيلي مركز إيواء في بلدة الوردانيّة قضاء الشوف بتاريخ 9 تشرين الأوّل 2024، بحجّة استهداف شخصيّة معيّنة مع العلم أن المركز كان يضم 15 عائلة نازحة ما أدّى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة 13 آخرين.
وفي 10 تشرين الأوّل 2024، استهدف الجيش الإسرائيلي مبنى سكني في منطقة الكرك قضاء زحلة فأوقع 9 قتلى و14 جريح. ومساء اليوم نفسه، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ عمليّة اغتيال باستهدافه منطقتين في قلب بيروت وهي النويري وراس النبع، وهي مناطق كانت تعتبر آمنة وكثيفة السكّان، دون أي إنذار مسبق أو استخدام لأسلحة دقيقة فأسفر ذلك عن مقتل 22 شخص وجرح 117 مع استمرار عمليّات رفع الأنقاض”.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أن “الالتزام بقواعد القانون الدولي، وخاصة القانون الدولي الإنساني، وضمان تطبيق جميع مبادئه المتعلقة بالإنسانية والتمييز والضرورة العسكرية والتناسب واتخاذ الاحتياطات الواجبة، هو التزام مطلق يقع على عاتق إسرائيل احترامه وضمان احترامه أثناء تخطيطها وتنفيذها لكل عملية من عملياتها العسكرية.
وبناءً عليه، حتى في حال صح الادعاء الإسرائيلي بوجود مسلحين في منطقة الاستهداف، فإن ذلك لا يبرر أن تصبح الأعيان المدنية أو المدنيون، بما في ذلك عائلات هؤلاء المسلحين، محلاً للهجوم المباشر أو العشوائي أو المفرط، حيث يجب ألا تكون الأضرار الجانبية التي تصيب السكان المدنيين أثناء الهجوم عسكريًّا مفرطة بالمقارنة بالميزة العسكرية المباشرة والملموسة المترتبة عليه، وإلا شكلت هذه الهجمات التي تخالف هذه القواعد بحد ذاتها جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
إلى جانب ذلك، فإنه حتى في حال وجود أهداف عسكرية، سواء مسلحين أو مراكز تابعة لتنظيمات مسلحة في المنطقة وقت استهدافها، فذلك لا يعطي الجيش الإسرائيلي حقًّا غير محدود في اختيار أسلوب القتال والسلاح للقضاء على هذه الأهداف العسكرية، حيث يبقى السكان المدنيون هناك متمتعين بالحماية من آثار العمليات العدائية، بل يتوجب على الجيش الإسرائيلي استخدام الأسلحة التي تصيب الهدف العسكري بدقة ودون التسبب بالخسائر المفرطة في صفوف المدنيين والأعيان المدنية.
وبذلك، ووفقًا لحجم الخسائر في الأرواح بين المدنيين وعدد الإصابات وحجم الدمار الهائل الذي تخلفه إسرائيل في غاراتها، فإن هذه العمليات العسكرية تشكل هجمات مباشرة أو عشوائيًا أو مفرطًا، وكل منها يشكل جريمة حرب مكتملة الأركان وفقًا لنظام روما الأساسي. فضلا عن أن هذه الهجمات تشكل كذلك جرائم ضد الإنسانية كونها تنفذ في إطار الهجوم العسكري الواسع النطاق والمنهجي الذي يشنه الجيش الإسرائيلي ضد السكان المدنيين في لبنان”.
ويشير المرصد إلى أنّ “هذه الانتهاكات تشكّل كذلك انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان باعتبارها جرائم قتل غير قانوني تستهدف المدنيين وتستخدم القتل كوسيلة لتحقيق أهداف سياسيّة ممّا يتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان التي تحظر العنف ضد الأفراد غير المتورطين في النزاع وتفرض عدم تعريض سلامتهم الشخصيّة للخطر”.
ويجدد الأورومتوسطي دعوته إلى المجتمع الدولي ب”الاضطلاع بالتزاماته القانونية الدولية بالعمل على وقف الجرائم الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين اللبنانيين والأراضي اللبنانية، بكافة الوسائل المتاحة، بما في ذلك فرض حظر كامل على بيع وتصدير الأسلحة إليها، والتوقف والامتناع فورًا عن تقديم أية مساعدات في المجالات العسكرية والاستخباراتية، التي يمكن أن تستخدمها إسرائيل في حروبها غير المشروعة ضد الشعوب، والعمل على مساءلتها ومحاسبتها على كافة هذه الجرائم”.