اقلام

“بين يقظة الغرب وسُبات العرب” بقلم الاعلامية ريما فارس

“بين يقظة الغرب وسُبات العرب”

في مشهد مؤثر، ربط أكثر من 500 ناشط يهـودي أنفسهم بالسلاسل إلى أبواب بورصة نيويورك، في احتجاج جريء يطالب بوضع حد للحرب على غزة. تلك اللحظة لم تكن مجرد فعل رمزي، بل صرخة مدوية من أجل العدالة والإنسانية، تحرك فيها من نُظن أنهم لا يتعاطفون مع القضية الفلسطينية، بينما خيم الصمت على كثيرين ممن كان يُنتظر منهم أن يتحركوا أولاً.

شرطة نيويورك، كعادتها، تحركت بسرعة لتفكيك هذا الاحتجاج، واعتقلت النشطاء بشكل جماعي في محاولة لإسكات أصواتهم. لكن الأكثر إثارة للجدل هو تهديد أحد الصحفيين أثناء تصويره للمشهد، على الرغم من ارتدائه لبطاقته الصحفية. تلك اللحظة ليست مجرد حادثة عابرة، بل تكشف بوضوح التضييق على الحريات حتى في عقر دار الديمقراطية.

وسط هذا الضجيج والتحركات، يبرز سؤال مرير يحرق القلوب: أين العرب؟ أين تلك الأمة التي كانت في يوم ما رمزًا للعزة والكرامة؟ كيف تحركت ضمائر نشطاء يهـ.ود بينما يبدو أن ضمائرنا قد جُمّدت، أو ربما حُقنت بجرعات زائدة من التخدير؟

إنها مأساة حقيقية أن نرى من كان يُعتقد أنهم بعيدون عن قضايانا يتحركون باندفاع وإحساس عالٍ بالمسؤولية، في حين أن كثيرًا من العرب والمسلمين غارقون في صمت مُخزٍ، وكأن المأساة لا تمسهم. هل صارت أخبار غزة مجرد ضجيج في خلفية الحياة اليومية؟ أم أن هناك من تعمد إخماد روح النخوة والغيرة في نفوسنا؟

ألم تتردد في أذهاننا تلك الآية الكريمة: “وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ”؟ أين نحن من تلك النصرة الواجبة؟ أليس من العار أن يستفيق أناس من أقاصي الأرض لنصرة المظلومين، بينما نتخبط نحن في تبريرات وتخاذل؟

إن هذا الموقف يبعث برسالة واضحة: لا يحق لنا أن ندعي الإنسانية ونحن صامتون عن الجرح الذي ينزف أمام أعيننا. ويل للعرب من غضب الله، إذا ظلوا غافلين عن مصير أمة كاملة تُسحق تحت وطأة العدوان.

لقد تحركت ضمائر العالم، حتى من كانوا في صفوف خصومنا، بينما ننتظر نحن مصيرًا محتومًا إذا ما استمر الصمت. الله أرسل لنا تحذيرات واضحة، وما يحدث اليوم قد يكون مقدمة لعقاب أكبر إذا لم نعد إلى رشدنا ونقف مع الحق والمظلومين.
ريما فارس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى