اخبار ومتفرقات

غرباء عن أنفسنا

أناس مرّوا أمامنا للحظات واختفوا انما طبعوا الذاكرة كالنقش على الحجر وأناس عرفناهم إنما لا تحنّ لهم الذاكرة ولا تستعيد صورهم حتى انّنا إذا لمحناهم بعد سنوات على الرصيف المقابل للطريق اكملنا سيرنا كأنّنا لم نرهم.

لماذا النفس تسأل عن البعض و تتحاشى البعض الآخر؟

ما هي القوى التي تقود سفينتنا النفسية؟

ربّما قوى حبّ البقاء بخير.

ربّما قوى تجنّب الألم.

ربّما قوى تنحو نحو اللذات.

أهو جرحٌ نفسيّ غير معلن او معاناة غير معترف بها ام هو تشابه أوجه وصور تذكّرنا بتجارب اذيّة منسية ام هو نفور أرواح لتجنّب الأسوأ؟

أرواح إن تعارفت إئتلفت وإن تناكرت اختلفت.

نتفق بسرعةمع البعض ويصعب التناغم مع كثيرين لم يخطؤوا معنا ولم يبدر منهم اي سوء.

ربما لا نتذكر السوء إنما نتذكر الوجه المسؤول عن السيئة.

أمرنا عجيب، نتحاشى أشخاص بالحدس لا بالأحداث وكأنّنا متنازعان في عالم موازٍ غير مدرك او كأنّنا في عالم سابق تعارفنا واختلفنا ولو أنّنا بدّلنا الأجسام وأشكال الوجوه.

ولا شيء يمنع ان نتجنّب بعضنا الان لحدسنا أننا في عالم المستقبل سنلتقي ونتقابل.

إن كان التقمص احتمال على علاقة بالماضي فلا شيء يمنع ان يكون اتقمص على علاقة في المستقبل.

غابت الفكرة عن الحركات الباطنية والصوفية.

نظنّ أنّنا اضعنا فرصاً كثيرة إنما لا إثبات أنها كانت فعلاً فرصاً مفيدة إذ لربّما لو اخترناها انقلبت علينا الدنيا سوءاً اكثر.

خير الأمور ما وقع وحصل لأنّنا فكّرنا ملّيّاً عند قراراتنا وعند تنفيذ اختياراتنا وما فعلنا إلا ما اعتمدناه كأفضل.

لسنا مسؤولين عن المفاجآت التي حصلت وغيّرت مسارنا.

لا ندم،

كلّ ما نحن فيه جميل حتى مأساة المجزرة حتى لوعة الحرب حتى تواجدنا المتكرّر في المقبرة.

مملّة هي ان تكون الحياة ايضاً هادئة والأحداث رتيبة.

وايضاً رائع ان نعيش الخبر العاجل وان نقفز في حقول الألغام كالقرود لننجو .

كلّ ما نحن فيه ممتع حتى موتنا الهزليّ.

حتى نهاياتنا الكوميدية.

لنمت الان،

لنمت البارحة،

لنمت بعد قليل،

لنمت بعد مئة سنة.

هناك مَن يعبرون أمامنا للحظات ونمضي العمر كلّه في البحث عنهم وهناك من نلتقيهم دوماً ولا نتذكّرهم.

إطمئنوا ،لن ينجو احد لا منّا ولا من أعدائنا.

#د_احمد_عياش.

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز شكرًا على المتابعة. 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى