مع اختفاء مفردات السلام ، الحوار وحل الخلافات الدولية بالطرق السلمية في مختلف وسائل الاعلام السويدية، تتصاعد وتتسارع خطوات الحكومة السويدية نحو التجييش للحرب والانخراط في أجندات لا تخدم مصالح السويد، مع السعي الى اقناع الرأي العام في أهمية وضرورة الانضمام لحلف الناتو العدواني.
لقد انضمت السويد للناتو متجاهلة مطالب شعبية بضرورة اجراء استفتاء عام على هذه الخطوة التي انهت مئتا عام دون حروب، خطوة وضعت السويد في قلب صراعات اقليمية ودولية مع التخلي عن المبادىء السلمية التي التزمت بها سابقاً. لقد افقدت هذه السياسة السويد ميزة لعب دور وسيط في النزاعات، وتحولت الى طرف وهدف في اي نزاع اقليمي او دولي.
الملفت ان الحكومة السويدية تتابع حملة التجييش والتخويف من وقوع حرب عادية /نووية لتشمل المدارس وهيئات المجتمع المدني، ناهيك عن الاحزاب السياسية والمواطنين، مستخدمة وسائل مختلفة من اجل صيد عدة عصافير بحجر واحد: تبرير الانضمام لحلف الناتو العدواني، زيادة ميزانية الحرب، ارسال اسلحة لمناطق النزاع في أوكرانيا وسواها، ترهيب الناس من عدو مفترض، مع تنفيذ اجندات امريكية /اطلسية ، ويترافق ذلك كله مع تصاعد النزعات العنصرية والفاشية في المجتمع .
استمرارا لتلك السياسة يتم الان توزيع كتيب بملايين النسخ على جميع البيوت في السويد، اصدرته هيئة الطوارىء المدنية السويدية تحت عنوان كيف تتصرف “في حالة حدوث ازمة او حرب” ،يتضمن ارشادات حول كيفية التصرف في حال وقوع كارثة طبيعية او نشوب حرب .
يتناول الكتيب كيفية الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة النزاعات العسكرية، الحوادث الخطيرة، الظروف الجوية القاسية، الهجمات السيبرانية، وحتى الحروب النووية.
نعم، لم تعد السويد بلدا محايدا ،لقد أصبحت عضوًا في أكبر وأخطر حلف عسكري في العالم “الناتو”.
السؤال الذي يطرحه العديد من المراقبين: ماذا تجني السويد من قرع طبول الحرب وبث أجواء الرعب بين الناس، وكأن الحرب ستقع غداً؟ مادور المجمع الحربي في هذه السياسة؟.. اذ من الملاحظ ان الحكومة الحالية تزيد ميزانية الحرب وكأنه لايكفيها تبعات الانضمام لحلف الناتو الذي يفرض على الاعضاء تخصيص نسبة 2 في المئة من الدخل الوطني لحاجات العسكرة على اقل تقدير .
يلمس المواطن السويدي ان زيادات ميزانية العسكرة تكون على حساب غلاء تكاليف المعيشة بشكل متزايد وسريع ، اضافة الى تآكل الميزات التي تمتع بها المواطن سابقا في مجالات الصحة ، التعليم والبيئة . كان يطلق على السويد بلد /مجتمع الرفاهية الزائدة، لكن مع السياسات المتبعة منذ تسعينيات القرن الماضي في مجالات الخصخصة وامركة المجتمع والتخلي عن استقلالية القرار الداخلي والخارجي ، يتدهور وضع البلد والمواطن بصورة سريعة (ملاحظة: الحديث يدور عن مقارنة وضع السويد في اعوام الخمسينات حتى التسعينات ووضعها الراهن وليس مقارنة السويد ببلد اخر ) .
لقد ابتليت السويد بحكومة تهرول نحو حتفها، لدرجة يشعر المرء انها سبقت امريكا في العسكرة وعنتريات الانخراط في اجندات ليست في مصلحة المواطن والوطن .
نعم يأتي هذا الكتيب الانيق والمكلف الذي يوزع مترافقا مع حملة تجييش واخافة الناس من حرب على الابواب قافزة فوق الحاجات الاساسية للوطن والمواطن. ان هذه السياسة تهيء الارضية لاتساع الفرز الطبقي ، زيادة اعداد العاطلين عن العمل ، تصاعد الجريمة المنظمة والنزعات العنصرية. تغمض الحكومة عينيها عن هذه المشاكل وتزيد من الدعم المادي والعسكري لمناطق النزاع في اوكرانيا وغيرها تنفيذاً لاجندات العم سام والناتو .
الحكومة السويدية الحالية وسياساتها الداخلية والخارجية تصلح نموذجا لحكومة تهرول نحو حتفها برجليها و بوتيرة متسارعة. السؤال:الى متى ؟ والسؤال الأهم: ما العمل ؟