اخبار ومتفرقات

انت بالكاد تعرف نفسك.

خطرت ببالي فكرة،اردت ان احدّد موقعي تماما على الخارطة الاجتماعية والإنسانية والجغرافية وحتى التاريخية،تناولت قلماً و ورقة وبدأت بكتابة كل أسماء أصدقائي واصحابي و زملائي،تمعنت وحدّقت جيّداً في الأسماء،افرطت في التركيز،هالني ما اكتشفته:

لا اعرف منهم احداً.

كلهم غرباء لم اعرفهم يوماً،ظننت يوماً انّي أعرفهم،يبدو لم أعرف احداً بعد.

أين وكيف امضيت كل هذه السنوات؟

اي عمرٍ هذا؟

استعدت اسماء قديمة حتى في ذكريات جميلة وعتيقة،أين هم الذين عرفتهم؟

كبروا صحيح إنما ما عادوا أنفسهم.

هل انا الوحيد الذي بقي كما كان؟

يبدو اني انا ايضاً ما عدت انا.

كلنا نتحوّل.

إلى العزلة والاسوأ نتبدّل.

انهم في الشارع الخلفي لبيتي في المدينة ولا ألقاهم،انهم في قريتي ولا نتواصل ولو هاتفياً، احياناً يمرّ أحدهم على الرصيف الآخر للطريق ونكتفي بإشارة يد من بعيد واحياناً نعلم اننا رأينا بعضنا بعضاً إنما نكمل سيرنا وكأننا لم يشاهد الواحد منّا الآخر.

كأننا نتحاشى السؤال والجواب وسيرة الاطمئنان.

كأننا نتجنب الحسد والقيل والقال وتكملة حديث غريب او شجار بدأناه قبل عقد من الزمن ولم نكمل تفاصيله .

ربما تفاصيل الحب عند حبيبة تدوم إلى الأبد.

ربما لا.

أسوأ شعور ان تتأكد انّك وحيدٌ في عالم تجاوز تعداده السبعة مليارات نسمة،انك تعيش في مدينة يبلغ عدد سكانها مليون نسمة واكثر،انك تسكن عمارة يعيش فيها أكثر من مئة شخص وانّك في الحقيقة تعاني من الوحدة.

انت لا تعرف احداً.

انت ظننت انّك تعرف الكثيرين وفي الحقيقة انه لم يتسنّى لك الفرصة ان تعرف احداً…

البارحة ارسلت طلب صداقة لعنواني على الفيسبوك في العالم الافتراضي بهدف التعرف على بعضنا اكثر,لا ينتهي الأمر هنت فقد ترددت بقبول الصداقة.

والبارحة اتصلت برقم هاتفي و دعوت حالي إلى مقهى للتعارف وكدت ان ولولا الحياء ان أرفض دعوة من غريب .

حاجة ماسّة لأعرف عن حالي بعض الأسرار.

انت لا تعرف احداً.

شُبّه لك انّك تعرف.

انت لا تعرف.

بالكاد تعرف نفسك وربما لا تعرفها ايضاً.

لا وقت باق لتعرف احد.

هل فات الأوان.؟

هناك أمل.

هل عرفتنا؟

نحن هم اهل فوات الاوان.

#د_احمد_عياش.

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز شكرًا على المتابعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى