اخبار ومتفرقات

سوريا بين الانتصار على الظلم و”الكزدرة” الإسرائيلية

في لحظة تتباهى فيها سوريا بانتصاراتها على الظلم والإرهاب الذي استهدف البلاد لسنوات، تطفو على السطح أسئلة محورية حول الواقع الجيوسياسي والدور الذي تلعبه إسرائيل على الأراضي السورية. كيف يمكن لدولة أن تحتفل بانتصاراتها بينما تظل سماؤها مستباحة وحركات “الكزدرة” الإسرائيلية تمر مرور الكرام؟

ماذا أصاب سوريا؟

عانت سوريا منذ عام 2011 من واحدة من أكثر الحروب تعقيدًا في العصر الحديث. تدخلات إقليمية ودولية، تناحر بين القوى الكبرى، وتحالفات داخلية وخارجية أدت إلى تدمير بنية الدولة الاقتصادية والاجتماعية. ورغم إعلان الحكومة السورية انتصارها على الإرهاب في أجزاء كبيرة من البلاد، يبقى الوضع الهش سيد المشهد.

إن إرث الحرب لم يقتصر على الدمار، بل شمل أيضًا تراجع سيادة الدولة على أجزاء واسعة من أراضيها، سواء بوجود قوى أجنبية أو بممارسات عسكرية إسرائيلية متكررة.

“الكزدرة” الإسرائيلية: كيف ولماذا؟

إسرائيل، منذ عقود، ترى في سوريا ساحة خلفية لصراعاتها مع إيران وحلفائها. وتحت ذريعة استهداف مواقع عسكرية أو شحنات أسلحة، شنّت مئات الغارات الجوية على الأراضي السورية.

لكن السؤال الأعمق: لماذا تبدو هذه الغارات شبه اعتيادية؟

 1. انشغال الداخل السوري: بعد سنوات من الحرب، يبدو أن الأولوية للداخل، حيث يحاول السوريون إعادة بناء ما تهدم، وإعادة الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى مسارها الطبيعي.

 2. المعادلات الدولية: يبدو أن اللاعبين الدوليين، بما في ذلك روسيا، يسيرون وفق توازنات دقيقة تمنع أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل، رغم وجود القوات الروسية على الأراضي السورية.

 3. غياب الردّ الرادع: الغارات الإسرائيلية تمر دون رد حازم يغير قواعد اللعبة، ما يفتح المجال لإسرائيل لتوسيع تدخلها دون خوف من تداعيات كبيرة.

لماذا الصمت؟

يتساءل السوري العادي: كيف نحتفل بالنصر بينما سيادة بلدنا تُنتهك؟

 1. أعباء الحرب: لا يمكن تجاهل أن الجيش السوري أنهك في حرب طويلة، ولم يعد يملك الأدوات الكاملة للدخول في صراع مباشر مع إسرائيل.

 2. الضغوط الدولية: أي تصعيد ضد إسرائيل قد يفتح الباب لتدخلات دولية جديدة تزيد من تعقيد المشهد السوري.

 3. التحديات الاقتصادية: الأزمة الاقتصادية في سوريا تجعل من الصعب التركيز على أي شيء سوى ضمان استقرار الداخل.

سوريا بين المقاومة والصمت

يبقى المشهد السوري معقدًا ومليئًا بالتناقضات. فرحة النصر على الإرهاب تبدو مبتورة أمام مشهد الغارات الإسرائيلية التي تذكر الجميع بأن الصراع لم ينتهِ.

السؤال الذي يجب أن يُطرح: متى ستعود سوريا قوة قادرة على فرض سيادتها الكاملة، ومتى سيأتي الرد الحاسم الذي يعيد الاعتبار لهيبة الدولة في وجه أي اعتداء خارجي؟

الاحتفال بالنصر لا يكتمل دون مواجهة التحديات المتبقية، وأبرزها مواجهة إسرائيل، سواء عسكريًا أو دبلوماسيًا. فهل سيشهد السوريون يومًا انتصارًا مكتملًا، أم ستظل فرحتهم ناقصة تحت سماء “الكزدرة” الإسرائيلية؟

سنا فنيش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى