ربما ما كان الماضي زمناً أجمل او افضل،ربما نحن كنّا متفائلين بالناس والدنيا اكثر مما يجب،ربما كان ينقصنا التجربة وعِشرة الآخرين والوقوف كمتهمين أمام الموظف.
هل رأيت الموظّف في مكتبه؟
انت مناضل.
ربما هو ضحوك وخدوم خارج عمله الا انّه في دوام العمل لا عمل له غير إثبات خطأ الآخرين باعتبار ان كل المواطنين لصوصاً افتراضيين وما مهمّته غير فضح المواطن وتعذيبه.
الناس متّهمة بحاجة لإثبات براءة.
هل شاهدت احد رجال قوى الأمن في المخفر؟
لا يراك غير نشرة في ماكينة وغير مجرم حضر لتسليم نفسه.
نميل للانتقام اكثر مما نميل للتبرئة.
عليك إثبات براءتك اينما رحلت.
هنا لا أحد يحترم الآخر،كل مواطن حضر لينهي تجديد دفتر قيادة سير عليه ان ينتظر مئة وخمسون مواطناً قبله على اقلّ تقدير .
للامانة هناك أرقام ومقاعد لا تكفي لكل الواقفين.
الصبية تتغنجّ أمام كاميرا بصمة العين،الموظفة تساعدها في سدل شعرها على كتفها الأيسر.
في الخارج مواطنين يخضعون لاختبار قيادة السيارة.
لم.يقفواحد منهم عند الخط الأبيض العريض الازامي للتوقف.
لماذا حامل الدفتر البيومتري عليه ان يخضع مرّة أخرى لبصمة العين و قد بصم سابقا باصابعه العشرة للدولة.؟
مرّ رجل ستينيّ من خلفي وهو يسأل الحاضرين لماذا التجديد لأربع سنوات وليس لخمس.
مُن هي الدولة ومن تكون؟
كل المنتظرين هنا لا يعرفونها .
يقال انّه تمّ التقاط صورة للدولة اليوم مجتمعة أمام القصر.
وسط زحمة الناس سألني متشائم عن المديرة التي كانت هنا و التي اوقفها القضاء ثم اخلي سبيلها.
سألني ايضاً لماذا أوقفت وكيف أطلقوا سراحها؟
اجبته بأن رقمي كبير وبحاجة لساعة ونصف من الوقت قبل أن ابصم بالعين.
فهم اني لا اجيب هلى أسئلة تخصّ أسرار الدولة.
سألني إن كنت اعلم ان كان القاضي العدلي قد بدأ بالتحقيق من جديد.
هنا لزم الأمر أن أغادر موقعي،اي جهاز مخابرات أرسله لي.؟
فهم اني متعب،لا صبر لي على التفاؤل.
بصم بعينه،
بصمت بعيني،
مضى في حال سبيله والقي القبض عليّ.
تهمتي اني ما زلت اراهن على قيامة دولة .
نظرت إلى دفتر القيادة الجديد الذي انتظرت ولادته اربع ساعات فإذا بصورتي الشخصية ليست تلك التي جلبتها معي بل تلك.التي صوّردها الموظفة.
بصمة عين او صورة شخصية؟
الان فهمت لماذا الصبية نزعت سترتها واسدلت شعرها وابتسمت.
قدري ان افهم الامور بعد.فوات الاوان.
كل الناس من اهل الطوائف الا أنا ابقى من اهل فوات الاوان.
د.أحمد عياش
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز. شكرا على المتابعة