في يوم الأحد سأكون اوّل الواصلين إلى المدينة الرياضية، في يوم الأحد سأرتدي ثياباً مضادة للمطر وللاحقاد وللطائفية ولرؤية المسيّرات الجوّية.
سارفع بندقيتي السوفياتية على كتفي وأمشي،ملثماً بكوفية عربية كالفدائيين،سأمضي لأكون شاهداً إضافيّاً تُطلب شهادته في كتب مجد التاريخ،سأعبر حدود الطوائف وسأركلها بقدمي،سأنزع الأسلاك الشائكة بين اهلي وناسي وشعبي وكي اكون متصالحاً اكثر مع قلبي،سأترك وجهي مكشوفاً للعسس وللرعاع وللمخبرين.
لا تهمّني تأشيرة دخول إلى أيّة دولة غربية ،لا إلى دول الافرنج ولا إلى دول التتر والمغول ولا حتى في بالي وظيفة في دول الخليج العربي و لمن يهمّه الأمر اكثر وقبل أن يتفلسف وان يتّهمني مفترٍ، اخبر من يهمه الامر اني غير مهتمّ بزيارة طهران لا الان ولا غداً.
سأسير خلف نعش سيّد الفدائيين رافعاً رأسي بوجه وضّاح وبثغر باسمٍ ،مفتخراً بقائد قال و وفى،وعد وصدق،قاتل واستشهد في غرفة العمليات الحربية.
في يوم الاحد سأكون اوّل العابرين الى شاطىء الكرامة بلا قارب وبلا سفينة وبلا بحر.
لا وفاء كإخلاص السيّد حسَن ولا عزّة كعصا الفدائي السنوار.
في يوم الثالث والعشرين من شهر شباط سأكون حيث يجب أن يكون المؤمن بمقاتلة العدو الأصيل حتى آخر رمق وحتى آخر نقطة دم غير آبهٍ بخليج المكسيك إن صار خليجاً أمريكيا و غير آبهّ لجزيرة غرينلاند إن بقيت دنمركية او ضُمّت لعقارات الاله الاسبرطي.
فلسطين باقية عربية وأهل غزة باقون على ارضهم.
سأسير خلف النعش بانضباط عسكري مهيب ،سأردد في سرّي اناشيداً ثورية فرنسية ومصرية و فلسطينية.
سأغني في سرّي لأم كلثوم “اصبح الان عندي بندقية الى فلسطين خذوني معكم..”
ساغني في سرّي ” طالعلك يا عدوّي طالع من كل بيت وحارة وشارع…”
وسأمشي بثقة العارف في المستقبل انّ من يتبارك بتوديع سيّد الشهداء الاحرار لا يندم لانّ التاريخ حقيقة لا يكرّر نفسه بإباء الا عند مراسم تشييع القادة الشرفاء الذين صدقوا ما عاهدوا شعبهم وربّهم عليه فاستشهدوا في الميدان كفرسان لا كرجال نساهم وملّ منهم الحاضر قبل التاريخ.
سأغني في سرّي” أخي سوف تبكي عليك العيون وتسأل عنك دموع المئين..”.
سأبحث بين الجموع عن احد الفدائيين الاحياء الذين صمدوا لحين دخل الناس القرى الأمامية البارحة لأحمله على كتفي كقدّيس ولأطوف به حول المدينة وفي الريف.
كي يكون المشهد مكتملاً ومعبّراً بابعاد الحرب واهدافها اتمنى حمل نعشي شيخ الفدائيين الفلسطينيين(يحي السنوار) وقائد الفدائيين الفلسطينيين(محمد الضيف) رمزياً إلى جانب نعش سيد الفدائيين ونعش السيد صفي الدين لتكون الرسالة عالمية.
لتصل رسالة الوحدة إلى كل القلوب ولو كره الكارهون.
من هنا ومن تحت شجرة زيتون محررة في حاروف وجالسا على تنكة تاترا صدئة ومطعوجة ومحروقة أعلن ان لا يوماً كيوم الثالث والعشرين من شهر شباط،يوم الوفاء للفدائيين.
والله اعلم.
بقلم الدكتور احمد عياش
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.