
بينما كنت أقرأ عن المستقبل القادم من السيارات الكهربائية، والذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، وأجهزة التشخيص الذكية وهو مقال ودراسة شاركتها صديقة، توقفت… لا مندهشة، بل متأملة.
نحن نقف على أعتاب حضارة جديدة. حضارة تعدنا بالراحة والسرعة والتقدم المذهل.
لكن مع كل هذا التقدم، يراودني سؤال: أين هو الإنسان في هذه المعادلة؟
أين هي الروح؟
هل ستخفف هذه الثورة من معاناة الفقراء؟ هل ستضع حدًا للحروب، وتعيد العدالة إلى المجتمعات المنهارة؟
أم ستعمّق الفجوة بين من يصنعون المستقبل، ومن يُسمح لهم فقط بالعيش فيه؟
أخشى عالماً لم يعد فيه للناس دور سوى أن يكونوا مستهلكين. عالماً تتحكم فيه الشركات، وتُهندس فيه الطبيعة، وتُهمّش فيه المشاعر.
ومع ذلك، وبرغم خوفي، أختار الأمل.
لأن التكنولوجيا بحد ذاتها ليست شريرة… بل النوايا التي توجّهها هي ما يصنع الفرق. وإذا قادها الضمير، فإن هذه الحضارة قادرة على أن تُداوي أكثر مما تُؤذي.
لكنني أتساءل…
هل سأبدو ساذجة أو عتيقة إذا سألت عن موقع الإنسان في هذا المستقبل؟
هل سيعتبرني أولادي وأحفادي “رومانسية الفكر”؟
كيف نكسر قشرة العقول التي غُسلت لتؤمن أن هذه القفزات التكنولوجية – التي بدأت بالفعل – هي الحل الأعلى والنهائي لكل شيء؟
كيف يمكنهم أن يحصّنوا أنفسهم منها، لا ضدها، ولكن من أجلهم؟ كيف يمكنهم توجيه هذه القوة الخارقة نحو معنى أعمق، وقيمة إنسانية أوسع؟
وهل سيبقى “الأصلح” فقط هو من ينجو؟
هذه ليست دعوة للخوف من التقدم، بل صرخة لإعادة تموضع الإنسان داخله.
صرخة لإعادة الروح وسط الأزرار والشاشات والروبوتات.
صرخة للوعي.
سيحيا أبناؤنا وأحفادنا حياة أفضل، فقط إن علّمناهم ألا يكونوا مجرد مستخدمين للتكنولوجيا، بل قادة للمعنى.
ليكونوا أبناء المستقبل، لا عبيده.
ليتساءلوا، ويبدعوا، ويبنوا عالماً يتّسع للجميع… لا للأقوياء فقط.
إنه نداء… فهل من يسمع؟
بقلم خلود وتار قاسم
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.