
بقلم: لبنى عويضة…
خاص: جريدة الرقيب الالكترونية
تصغي المنطقة اليوم إلى صوت قرع الطبول. ليست طبول الانتصار، بل تلك التي تسبق الانفجار. على امتداد الهلال الخصيب، تتصاعد النبرة وتضيق هوامش المناورة. فبينما كانت المواجهات تُدار سابقًا في الظلّ ومن خلف الستار، باتت علنية ومباشرة: إسرائيل تحذّر، إيران تتوعّد، والدول الكبرى تراقب بصمت مشوب بالقلق.
في ذروة هذا التوتر، أطلق وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، واحدة من أكثر الرسائل التصعيدية وضوحًا: “عهد الوكلاء انتهى، ومحور الشر بدأ ينهار.” لم تكن هذه مجرد عبارة إعلامية، بل إعلان عن تحوّل استراتيجي جذري. فإسرائيل، التي لطالما اكتفت بالردّ غير المباشر، تلوّح الآن بضربة في عمق طهران نفسها.
قواعد الاشتباك تغيّرت. فمع اتساع رقعة المواجهة – من غزة إلى الجنوب اللبناني والبحر الأحمر – لم تعد تل أبيب ترى في الضربات المحدودة رادعًا كافيًا. الأخطر من ذلك أن هذا التصعيد يأتي متزامنًا مع تقارير استخباراتية غربية تتحدث عن اقتراب إيران من العتبة النووية. وهنا، يبرز خيار الضربة الاستباقية كاحتمال واقعي، لا مجرد تهويل.
في المقابل، لم تتأخر طهران في الرد. الحرس الثوري يواصل استعراض قوته، والرسائل الميدانية تتكثف. تدرك إيران أن الحرب المباشرة محفوفة بالمخاطر، لكنها قد ترى فيها فرصة لإعادة خلط الأوراق وتثبيت حضورها في معادلة إقليمية جديدة، حتى لو كان الثمن باهظًا.
السؤال الآن لم يعد: هل تقع الحرب؟ بل: متى، وأين، وبأي شكل؟ فشرارة صغيرة – غارة على منشأة نووية أو عملية نوعية من أحد الوكلاء – قد تُشعل مواجهة لا يمكن احتواؤها. في هذا المشهد، يغيب الصوت العربي الجامع، ويبدو الموقف الأميركي متأرجحًا بين دعم تل أبيب ومحاولات كبح التصعيد.
الشرق الأوسط يقف اليوم على خيطٍ رفيع يفصل بين الاحتواء والانفجار، بين الحسابات الباردة وردود الفعل الغريزية. فهل نشهد قريبًا انهيار معادلة الردع بالتوازن ونهاية عصر الحروب بالوكالة؟ أم تُمنح الدبلوماسية فرصة أخيرة قبل اندلاع حرب كبرى تُعيد رسم خرائط النفوذ على أنقاض الخراب؟
الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت هذه الطبول تُقرع عبثًا… أم إيذانًا بانفجار لا رجعة فيه.