اخبار ومتفرقات

أمريكا وإسرائيل يتفرّغان للشيعة ولغزّة… لإفراغهما من المنطقة

شيء مرعب حدّ الهوس، أن ترى غزّة تُدمّر حتى لم يبقَ فيها شيء يُدمَّر. تُحاصَر حتى يصبح الطعام هو طعم الموت، والهواء دخان موت يتصاعد من الجثث المتعفنة. هذه الأقليّة المحاصَرة بين إسرائيل ومئة مليون عربي في مصر، تُنذر بما سيصيب الأقليات في المشرق. الأقليات التي تُباد في فلسطين وسوريا… فهل لبنان مستثنى من المصير؟

رغم كل هذا، لم نصغي الى كلمة الشيخ نعيم قاسم، أمين عام حزب الله، الذي حدثنا بلغة واضحة لا لبس فيها:

“يا جماعة، قدراتنا العسكرية لا تضاهي قدرات إسرائيل. من يعتقد غير ذلك فهو واهم. السلاح ليس كل القوة… الأهم هو وعي الشعب.”

لكنّ الإعلام، الذي يدّعي الانتساب لمحور المقاومة، يخرج علينا ببعض المتفذلكين وبائعي الكلام الفارغ، لا ليحمونا، بل ليحرّض علينا، حتى الحشرات، بلغة مقيتة، متعجرفة، وتحليلات خنفشارية.

نعم، نحن انتصرنا على إسرائيل، وسنرميها في البحر! وسنهزم أمريكا، وسنحرّر المشرق!

هكذا يقولون… بينما إسرائيل وأمريكا اغتالوا الرؤساء والقادة، من ايران إلى أبرز كوادر المقاومة في فلسطين ولبنان. أميركا تحكم لبنان سياسيًا، وإسرائيل تقصف الجنوب ولبنان متى شاءت، تحتل سوريا وتضرب دون إنذار… والعالم صامت.

حتى في حلبة الملاكمة، حين يتلقّى الملاكم ضربة قاضية ويسقط أرضًا، يتدخّل الحكم وتُعلَن نهاية الجولة، لكن يبقى هناك أملٌ بمعركة جديدة، وربما باستعادة اللقب في نزال قادم.

أما أن نتلقى الضربات واحدةً تلو الأخرى، ونكابر، ونرفض الاعتراف بالواقع، فذاك سقوطٌ بلا إنذار، لا حكم يتدخّل، ولا جولة ثانية ولا ثالثة… بل نهاية مأساوية دون فرصة للعودة.

حتى الموارنة، حين عصفت بهم رياح الاجتثاث بين عامي 1990 و2005، وهم ركيزة في المشرق العربي، بثقلهم الاقتصادي، وحضورهم العلمي والطبي والهندسي، وبتاريخهم العريق وتشعّب علاقاتهم الدولية، التزموا الصمت الاستراتيجي. لم يتحدث باسمهم إلا البطريرك نصرالله صفير، وعبّروا عن موقفهم السياسي عبر مقاطعة الانتخابات. وخلال تلك الحقبة، جابوا العواصم ودوائر القرار العالمي يشرحون واقعهم، وبحثوا عن تفهّم دولي لمعاناتهم.

وعندما قرروا تأسيس قوة سياسية، لم تكون حصرية بطائفتهم، بل ضمّت شركاء من مختلف الطوائف، بهدف خفض الضغط عنهم وتجنّب العزل والانكفاء.

أمريكا، بشخطة قلم، ورطت روسيا بحرب، وصادرت 320 مليار دولار من أموال روسيا. وروسيا خسرت 400 مليارًا. ولم يجرؤ بوتين، صاحب النووي والصواريخ والغواصات، أن يرفع صوته، لا لأنه جبان، بل لأنه يعرف معنى موازين القوى.

أما الصين، عندما قالت “لا” لترامب، اشتعلت النيران حولها خلال ساعات بحرب هندية باكستانية قد تكلف نصف مليار انسان. وستُجرّ إلى حرب مع تايوان، وقد تتحوّل إلى دولة زراعية، وتنتقل الشركات إلى الهند.

العالم لا يُدار بطريقتكم. أنتم تقتلوننا باعلامكم، وأنتم لا تدرون.

نخسر مئة ألف شهيد، دمار، تهجير، ثم نُعلن “الانتصار”! لأننا نُصِرّ، ولأننا نعتبر الإصرار انتصارًا. نعم، هو انتصار روحي، ملحمة إنسانية خالدة، لكن إعلامكم يشوّهه، يُصغّره إلى “متر أرض” أو مبنى دُمّر، أو جندي عدو قُتل.

بينما الحقيقة؟ الانتصار في ظل اختلال موازين القوى هو انتصار الفكرة، لا الجغرافيا. وهذا الإعلام لا يصلح لمعركة وعي، ولا للنخب، ولا حتى للفلسفة.

أمريكا وإسرائيل، عندما تحتلان دولاً وتخسران جنودًا، لا ترفعان رايات النصر. لأن أهدافهما أعقد، وأبعد، وأكثر خبثًا.

هم يستخدمون أسلحة لا نعرف عنها شيئًا، ودمارها نراه ولا نعيه. أما إعلامنا فيعيش على دوك فليد، وغرندايزر، والصحن الطائر، والشعاع اللولبي!

أقسم بكل الأيمان الغليظة:

إذا لم نستثمر في الصمت، ونُظهر مظلوميتنا، فلن يبقى شيعي واحد في جبل لبنان، الذي سيتحول إلى أوروبا صغيرة، نحتاج فيه إلى “فيزا” للدخول اليه.

ولن يبقى شيعي في الجنوب، الذي سيتحوّل إلى ثكنات لجيوش العالم، وقسم منه سيُحتل، وما سيتبقى لنا سوى البقاع… محاصر من كل الجهات. حتى النازحون السوريون، إن فُرضت لهم “مناطق عازلة”، سنُطوَّق نحن بها!

لا أحد يتحمّل هذه الفوقيّة، حتى الشعوب تثور على حكّامها إن أصبح خطابهم مُملاً ونمطيًا وفوقيًا.

العالم يجب أن يرى إنسانيتنا. نُحاكي مشاعر الناس. لا نتحدّث من علوّ. التطرف له حواضنه، له من يموّله، ثم يُصفيه. أما نحن، الشيعة، أقلية يمكن جمعها في عمارة بالصين أو حي صغير في الهند… ونريد أن نغيّر العالم؟ بأي منطق؟ بنظرية جنون العظمة؟!

بعضنا يحلم بإينشتاين، أو فرويد، أو الذكاء الاصطناعي… لكن الواقع؟ بلابلا بلابلا. مللنا، انفجرنا.

نحن أموات ننتظر تنفيذ حكم الإعدام. لأن أمريكا وإسرائيل لن تغفرا للشيعة وقوفهم ضد مشروعهما. نحن نُريد تحرير فلسطين وطرد أمريكا من الشرق الأوسط… وهذه جريمة لا تُغتفر بالنسبة الى النظام العالمي.

 

من يعلن الحرب على أمريكا، عليه أن يتوقّع الردّ الأمريكي.

نريد ان نطرد امريكا من الشرق الاوسط علينا ان نعرف بان امريكا ستطردنا ايضا والبقاء للاقوى.

أغلقوا هذه الفضائيات. أو على الأقل تبرّؤوا منها. غيروا هذا الخطاب. ليُقال إن شيئًا تغيّر.

أمريكا تملك وجهين: جمهوري وديمقراطي.

إسرائيل أيضًا: ليبرالي ينتقد نتنياهو، ويدفع ثمن تهجير الفلسطينيين، ويمين متطرف ينفّذ المذابح ثم يُحاكَم ليُقال للعالم: نحن نُحاسب المجرمين.

إيران أيضًا: إصلاحيون ومحافظون، ولكل مرحلة وجهها الذي يتناسب مع الوضع.

كل العالم يُدار بهذه الوجوه، إلا نحن.

ألا يحق للشيعة أن يتغيّر فيهم شيء؟ أقله إعلامهم، الذي حرّض الكرة الأرضية علينا.

يكفي أن المشرق كلّه ضد الشيعة، وداخل الطائفة لا يحب أحدٌ الآخر.

نختلف على مختار أو بلدية، فيما الموت يحاصرنا من كل الجهات.

الوضع لم يعد يحتمل.

في الماضي كان الخطأ يُحاسب بعد زمن. اليوم يُحاسب بلحظته.

أما وقف الحرب، أو وقف إطلاق النار، في اليمن أو غيرها. لان الأولوية الآن هي لتهجير اهالي غزة… والملف الشيعي؟ يجب أن ينتهي قبل زيارة ترامب إلى لبنان.

رجاءً، الصمت. اسكتوا.

وإن لم تستطيعوا، فاستبدلوا هذه المهاترات بالدعاء والصلاة، علّ الله يستجيب لبعض الأطفال.

فما رأيته من تصرفات بعض “المصلّين” يجعلني أشك في كل شيء.

الدين أخلاق قبل أن يكون طقوسًا.

والأخلاق تبدأ من أن لا تخون صديقك، ولا تكذب على رفيقك، ولا تستغل محبته. وان تتقاسم الرغيف مع اخيك جتى يعوضك الله اما ان يصبح الدين دنانير حينها نكون كما دخلنا بحرب مع امريكا واسرائيل ايضا ندحل بحرب مع الله لانه يعلم السر واخفى.

الوضع شديد الخطورة. نحن اصبحنا سكارى. 

رجاء لا تُضيّعوا ما يحققه بعض القيادات الشيعية، بفضل حرصهم على كل فرد من هذه الطائفة.


المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

زر الذهاب إلى الأعلى