اخبار ومتفرقات

من قلب المعاناة.. ولدت الإرادة

في عام 2008، أسستُ جمعية “أمهات من لبنان”، وسُجلت رسميًا لدى وزارة الداخلية اللبنانية تحت الرقم 144. كانت الدوافع أكبر من أن تُختزل بعنوان؛ فقد كنت شاهدة على مشهد مؤلم يتكرر يوميًا في شوارع بيروت وسائر المناطق: نساء يحملن أطفالًا رضعًا، يجوبن بهم الأرصفة، تحت الشمس والمطر، في استغلال بشع لطفولة بريئة لا ذنب لها.

حينها، قررت ألا أكون مجرد شاهدة على هذا الانتهاك، بل باحثة في جذوره، وساعية لوضع حد له. ومن خلال تحقيقات ميدانية وتعاون وثيق مع إحدى وسائل الإعلام، اكتشفنا خيوط شبكة مافيوية تدير هذا “العمل المنظم”، حيث يُنجب الأطفال عمداً ثم يُؤجَّرون لنساء لاستخدامهم في التسوّل. كانت الحقيقة مفزعة: أرواح تُباع، وطفولة تُستغل، وكرامة تُدهس.

واجهت تهديدات حقيقية، في وقتٍ كان فيه القتل يُفسّر طائفيًا وتُستثمر الجريمة لأهداف سياسية. ومع غياب مؤسسات الدولة الرادعة، لم يكن أمامنا سوى أن نتحرّك بضميرنا. فاحتضنت الجمعية بعض العائلات الشريفة، وتكفّلت بتربيتهم ومتابعتهم تربويًا، طبيًا، ثقافيًا واجتماعيًا – ولا نزال حتى اليوم نتابعهم بكل التزام ومسؤولية، رغم التحديات.

كان التمويل الوحيد – ولا يزال – عائلتي الصغيرة. لم نقبل أي دعم خارجي أو داخلي، رغم الإغراءات، حرصًا على استقلالية القرار وصونًا لقيمة العمل الإنساني النزيه الذي لا يُساوِم ولا يُسايِر.

على مدى سنوات، كانت أنشطتنا تصل إلى جميع المناطق اللبنانية، بلا تمييز ديني أو مناطقي: من بيروت إلى الجنوب، ومن البقاع إلى الشمال. لأن بوصلتنا واحدة: الإنسان، كل إنسان.

واليوم، بعد أكثر من 17 عامًا من العمل الصامت والدؤوب، نفتح الباب لمرحلة جديدة: مرحلة التوسّع نحو بناء نموذج اجتماعي – بيئي مستدام.

نؤمن أن اللحظة قد حانت. فمع تصاعد الوعي الشعبي بضرورة قيام دولة المؤسسات، ومع ظهور مؤشرات على إرادة جماعية لبناء لبنان الجديد، قررنا أن نكبر… لا لنربح، بل لنُربح غيرنا الأمل والكرامة والقدرة على الصمود.

نطلق قريبًا مشروعًا رائدًا في إحدى مناطق بيروت، سيكون نواة لتجربة يمكن أن تُعمَّم في كل لبنان. مشروع يوفّر فرص عمل، ويعزّز الوعي البيئي، ويعيد دمج الفئات المهمّشة في الدورة المجتمعية كأفراد فاعلين.–

 الاسم المقترح للمشروع:

“جذور بيروت”

لأنه يرمز إلى:

– العودة إلى الأساس: الإنسان، البيئة، الكرامة.

– الغرس من جديد: الوعي، المسؤولية، العمل المشترك.

– التوسع: كما تمتد الجذور لتغذي وتثبت، كذلك يمتد المشروع ليؤثر وينمو.

للمرة الأولى، نتوجّه إلى المجتمع اللبناني والعربي بطلب دعم ومشاركة. ليس لأننا ضعفنا، بل لأننا قررنا أن نكبر معًا، وأن نجعل الأمل مسؤولية جماعية.

إن كنت تؤمن بأن لبنان يستحق، وأن الإنسان فيه يستحق، تواصل/تواصلي معنا لنرسل لك الدعوة لحضور حفل إطلاق المشروع. فالمعركة اليوم معركة وعي، والتغيير لا يحتاج فقط إلى شجاعة… بل إلى شراكة.

لنُبرهن سويًا أن العمل الصادق لا يموت، وأن الخير حين يُصان يصبح نهجًا، لا مجرد مبادرة.

دمتم بخير ومحبة،

خلود وتار قاسم

مؤسِّسة ورئيسة جمعية “أمهات من لبنان”

الهاشتاج الرسمي للمشروع:

#جذور_بيروت

#JuthoorBeirut 

#RootsOfBeirut 

#MothersFromLebanon 

أمّهات_من_لبنان#

زر الذهاب إلى الأعلى