
في الذكرى السنوية لاتفاق 17 أيار المشؤوم، أصدر “تجمّع العلماء المسلمين” بياناً استعاد فيه لحظة تاريخية شكّلت مفترق طرق بين الذل والكرامة. عام 1983، عندما كان اليأس يعمّ، والكيان الصهيوني يحتلّ بيروت، والمقاومة الفلسطينية قد انسحبت، وقف صوت خافت من بئر العبد ليعلن رفضه لاتفاق الذل، من خلال اعتصام دعا إليه التجمّع في مسجد الإمام الرضا (ع)، رغم التهديدات والقمع، ليسقط الاتفاق على وقع دم الشهيد محمد نجدي، وتنتصر الإرادة.
اليوم، بعد 42 عاماً، يُعاد السيناريو ذاته بحلّة مختلفة: الضغوط الأميركية تعود، ومحاولات فرض التطبيع مع العدو الصهيوني تتكثّف، وهذه المرة من بوابة غزة، عبر خطة تهدف إلى تهجير أهلها والقضاء على المقاومة. ما يجري من معارك هو محاولة صهيونية أخيرة لإسقاط حماس وإنهاء المشروع المقاوم. المعركة مصيرية، إما النصر لفلسطين، أو بداية النهاية لقضيتها.
وفي لبنان، لم تتوقف محاولات العدو عند فلسطين، بل تعدّتها إلى الجنوب اللبناني، حيث عاد لاحتلال نقاط جديدة، مستفيداً من حملة إعلامية وسياسية منظمة تدعو لسحب سلاح المقاومة، بحجة الإعمار والتنمية. لكن الحقيقة أن الهدف هو تفريغ لبنان من قدرته على الدفاع عن نفسه، وتركه نهباً للأطماع الصهيونية.
التجمّع في بيانه يؤكد رفضه القاطع لأي محاولة للمسّ بسلاح المقاومة، مشدداً أن هذا السلاح سيبقى ما دام الكيان الصهيوني موجوداً، فهو الضمانة الوحيدة أمام عدو لا يعترف بحدود، ولا يفهم إلا منطق القوة. حتى لو تحررت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقرى المحتلة كافة، فإن البوصلة لن تتغير، لأن هذا الكيان لا حدود له إلا حيث يصل جندُه.
ويختم التجمّع مؤكداً أن من أسقط اتفاق 17 أيار سابقاً، قادر على إسقاط مشاريع التطبيع مجدداً، وأن صبر المقاومة ليس أبدياً، فإذا تمادى العدو في الغدر والعدوان، فإن الردّ قادم، وسيُجبر على الانسحاب، صاغراً مذلولاً، لأن هذه الأرض لا تقبل الاحتلال، ولا تُروى إلا بالكرامة.