اخبار ومتفرقات

كلهم يبتسمون… حتى الخناجر!

ليتني كنتُ أؤمن بالمظاهر كما يؤمن بها هذا الزمن…
ليتني كنتُ أرى الوجوه فقط، ولا أحاول أن أقرأ ما وراءها…
ولكنني – للأسف أو لحسن الحظ أمتلك بصيرة لا تُخدع بسهولة، وقلبًا لا يرحب بالكذب حتى لو زُيّن بالابتسامات.

نحن نعيش في مجتمع يتقن التمثيل أكثر من نجوم السينما،
مجتمع فيه اللسان مغطى بالعسل، لكن القلب مليء بالسم،
فيه الناس يمدحونك أمامك… ويسحبون كرامتك خلف ظهرك،
يزغردون لنجاحك… بينما يسألون: “كيف حصلت عليه؟ ومن ساعدها؟”
وإذا وقعت، قالوا: “كنا نعلم أنها لن تصمد طويلاً”!

النفاق الاجتماعي ليس مجرد كذب… بل هو خيانة للقيم.
هو أن يُلبسك الناس ثوبًا من المديح وهم يحيكون لك خنجرًا من الغيرة.
هو أن تُضحكهم لتُشعرهم بالسعادة، وهم يضمرون لك كل ما يؤلم.

كم من مرة صافحتُ وجوهًا دافئة، ثم اكتشفتُ أنها باردة من الداخل؟
كم من مرة قيل لي كلامًا جميلاً، فقط لأنني كنتُ حاضرة، وغاب كل ذلك حين غبت؟
كم من مرة وقفت مع أناس في عزّ ضيقهم، فاختفوا في عزّ فرحي؟

هذا المجتمع لا يريد الإنسان الحقيقي، بل يريد المريح!
يريدك أن تُساير، أن تُجامل، أن تصفق للخطأ، أن تبتسم للظلم،
يريدك أن تكون “جيدًا” شرط ألا تقول الحقيقة، وألا تفضح الزيف، وألا تكون أنت!

ولكن، لا وألف لا…
أنا لست ممن يُغلقون أعينهم كي لا يروا القبح.
ولست ممن يلبسون أقنعة كي ينجوا.
ولا ممن يطأطئون رؤوسهم كي يحافظوا على مقعد في الصف الأول.

أنا امرأة خلقت على مبدأ واحد: “كن كما أنت، ولو وقف العالم ضدك”.
أن تحيا حقيقيًا خير من أن تعيش زيفًا طويلًا.
أن تخسر مئة علاقة مبنية على الكذب… خير من أن تربح واحدة قوامها الاحترام والصدق.

فليكرهني من لا يحتمل حقيقتي،
وليبتعد من لا يستسيغ صدقي،
فأنا لا أبيع قناعاتي في سوق المجاملة،
ولا أساوم على مبادئي تحت طاولة المصالح.

النفاق ليس ذكاء، بل ضعف.
والمُجامل بلا مبدأ ليس لطيفًا، بل جبان.
والساكت عن الخطأ ليس مسالمًا، بل شريك فيه.

كفى تصفيقًا للمنافقين…
كفى مدحًا للمتسلقين…
كفى صمتًا أمام الأقنعة التي شوهت وجه الإنسانية!

أنا لا أبحث عن الكثرة… أبحث عن الأصالة.
لا أريد جوقة من المصفقين، بل قلبًا صادقًا واحدًا يقول لي الحقيقة ولو كانت قاسية.

في زمن الأقنعة، كن وجهًا مكشوفًا.
وفي زمن الزيف، كن مرآة تعكس النور، لا الظل.


المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.

زر الذهاب إلى الأعلى