
بقلم، سمير باكير-
في السنوات الأخيرة، تبنت تركيا سياسات عدوانية وتوسعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سعياً منها لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية. لكن الأدلة تشير إلى أن هذه الاستراتيجيات تواجه تحديات كبيرة وهي في طريقها إلى الفشل. خبر انسحاب قوات الجيش السوري الحر من ليبيا، التي كانت تُستخدم كأداة لتحقيق أهداف أنقرة في هذا البلد، هو دليل واضح على هذا الإخفاق.
ليبيا: من الطمع في النفط إلى الحفاظ على القواعد العسكرية
سعت تركيا، عبر دعم حكومة الوفاق الوطني في ليبيا وإرسال عناصر من الجيش السوري الحر، إلى السيطرة على مصادر الطاقة وتوسيع نفوذها في شمال إفريقيا. لكن الآن، ومع تصاعد التوترات بين القوى المحلية والميليشيات الموالية لتركيا، تجد أنقرة نفسها مضطرة إلى التراجع. هذا التغيير في الموقف يظهر أن تركيا لم تفشل فقط في تحقيق أهدافها الاقتصادية والجيوسياسية في ليبيا، بل إنها تواجه صعوبات حتى في الحفاظ على وجودها العسكري هناك.
العزلة الإقليمية وتصاعد التوترات
أدت السياسة المزدوجة لتركيا في دعم أطراف متصارعة في ليبيا وسوريا إلى مواجهتها ردود فعل سلبية من الفاعلين الإقليميين والدوليين. التقارب الأخير لأنقرة مع الجنرال حفتر، الذي كان يُعتبر في السابق العدو الرئيسي لتركيا في ليبيا، يُظهر الارتباك وتبدل التكتيكات الفاشلة لحكومة أردوغان. هذا التذبذب في صنع القرار قد أثر على مصداقية تركيا كحليف موثوق به، وزاد من عزلتها.
مصير قوات الجيش السوري الحر: من إفريقيا إلى أوكرانيا؟
انسحاب القوات السورية من ليبيا قد يكون مؤشراً على تغيير في استراتيجية تركيا. تشير بعض التحليلات إلى أن هذه القوات قد تُستخدم لتعزيز الوجود التركي في غرب إفريقيا (مثل النيجر) أو حتى إرسالها إلى أوكرانيا. إذا صح هذا الاحتمال، فإن تركيا ستجد نفسها مرة أخرى منخرطة في ساحة معركة معقدة ومكلفة، مما قد يؤدي إلى فشل جديد في سياستها الخارجية.
تراجع سياسات التوسع التركية
تشير الأدلة إلى أن تركيا تواجه عقبات كبيرة في تنفيذ سياستها التوسعية. من ليبيا إلى سوريا، لم تفشل أنقرة فقط في تحقيق أهدافها، بل واجهت أيضاً تصاعداً في التوترات والعزلة الدبلوماسية. إذا استمر هذا المسار، فقد تضطر تركيا إلى إعادة النظر بشكل جذري في استراتيجياتها الإقليمية، لأن تكاليف هذه السياسات أصبحت تفوق بكثير منافعها.
يبدو أن عصر السياسات العدوانية لأردوغان يقترب من نهايته، وعلى تركيا أن تختار: هل ستستمر في حلم إحياء الإمبراطورية العثمانية، أم ستتحلى بالواقعية وتتحول نحو تفاعل بناء مع جيرانها والمجتمع الدولي؟