اخبار ومتفرقات

من أين جاؤوا اللئام؟

كل الذين لعبت و تعلمت معهم و كل الذين صاحبتهم في الحيّ في المدينة وفي البرية في الريف أخبروني ان أحلامهم عظيمة وان العلا هدفهم وأنهم يخافون الله وان الله يمهل ولا يهمل .
كل الذين عرفتهم كانوا يصومون ويصلّون وكانوا يدّعون انهم شاهدوا “الطبّال” عند السحور في شهر رمضان من النافذة او انهم صافحوه باليد وكشفوا ملامح وجهه.
كل الذين ضحكنا معهم ،كل الذين خفنا واياهم من قصف طائرات العدو الأصيل صفّقوا معي لبطولات الفدائيين.
كل الذين رقصنا وغنّينا وضحكنا معهم كانوا يخافون غضب أهلهم إن كذّبوا او ان قطفوا عنقود عنب بالحرام من عريشة جارهم.
كل الذين بكينا معهم خلف جنازات اجدادهم ما كنّا نعرف الميتين إنما كنا صادقين في حزننا تأثراً بمصابهم.
كل الذين كنّا نتسامر معهم كانوا مثلنا يخشون غضب الله إن كذّبوا وان تسببوا بالاذية لأي كان حتى انهم مثلنا كانوا يصدقون روايات جدّاتنا ان من يعذب قطة تلعنه السماء فورا لأن دعاء القطط مستجاب.
كل الذين تكسّرت او اضاعوا اقلامهم كنّا نناولهم من حقائبنا المدرسية قلما بديلا نحمله معنا احتياطاً لنا ولانقاذ زملائنا.
كل الذين عرفناهم كانوا بشوشين وصادقين فمن أين أتوا الاشرار؟
و والد من هو المجرم والكذاب وكل اصحابي وأصدقائي يحكون أجمل القصص عن ابائهم ومنهم من يترحم ومنهم من يسأل عن حسنة جارية لعله يدعم المرحوم بحسنات مستعجلة واحتياطية أمام ربّه؟
من أين أتوا اللصوص والله لم يغادر الكون والكل هنا ما زالوا يمارسون الصوم والصلاة ويسارعون لعمل الخير أمام الناس.
وإن مات الطبّال قرع الطيل ابنه.
من أين أتوا الفاسدين والكل هنا يقسم ان من يأكل بالحرام ستحرقه نار جهنم.
من أين جاؤوا ونحن هنا لم.نتغيّر ولم نسأل يوما عن طائفة عنترة و بزرجمهر و امرؤ القيس وقيس بن الملوح والمتنبي واحمد شوقي و ايليا ابو ماضي والاخطل الصغير والجواهري ومحمود درويش وسميح القاسم و حتى اننا لم.نسأل يوما في اي حزب كان مظفر النواب.
لم نهتم للحظة لدين أعضاء فرقة البوني ام و الآبا والبي جيز.
كل الذين مررنا معهم قرب كنيسة ومسجد ومعبد لملمنا فتات الخبز معاً عن الأرض و وضعناه جانباً كي لا تدوسه الاقدام لأنه لا يجوز دعس النعمة لأن في البلاد البعيدة وفي البيوت المستورة فقراء.
بل كنّا نقبّل الخبز لانه نعمة ونضعه جانبا بإحترام مع عبارة “استغفر الله”.
كل الذين كنا نعرفهم كانوا يسرعون لقلب “الشحاطة”ان كانت موجهة نحو السماء كي لا نستفز الملائكة.
كل الذين نعرفهم ما زالوا في القلب وفي البال حنيناً رائعاً فمن أين تكاثر القتلة وكيف تكاثر الطائفيون الانجاس من حولنا…؟
من أين جاؤوا اللئام وكلنا كنّا وعشنا بمحبة وعلى وئام ؟
كل الذين نعرفهم ندموا انهم هاجروا الا انهم كتبوا في وصيتهم لابنائهم ان لا يُدفنوا الا قرب اضرحة أهلهم وقرب اضرحتنا لعلنا نعود كما كنّا أطفال ابرياء لم تغيّرهم الدنيا ولم يغرهم المال ولم تجعلهم الخيبات والظنون والاوهام والاحقاد والحسد والمال الحرام مجرمين.

بقلم د.احمد عياش 

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

زر الذهاب إلى الأعلى