
ما قاله ترامب اليوم عن بايدن وأنه “تحوّل إلى روبوت”، يجد صداه فيما كتبه ناجي علي أمّهز عام 2020: حين تتحوّل نظريات المؤامرة إلى نبوءات سياسية
مقدمة:
في عالمٍ تتداخل فيه السياسة مع الخيال العلمي، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إثارة الجدل بنظرية مؤامرة تزعم أن جو بايدن قد استُبدل بنسخة روبوتية. هذه النظرية، رغم غرابتها، تعيد إلى الأذهان ما كان قد طرحه الكاتب ناجي علي أمّهز عام 2020 حول “اغتيال بايدن عندما شبهه بانه سيلقى نفس مصير كينيدي” واحتمالية استبداله، مما يعكس واقعًا سياسيًا معقدًا، حيث تتداخل الحقائق مع الأوهام، وتصبح نظريات المؤامرة أدوات لتفسير الأحداث الجارية.
التحليل:
في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، كتب الكاتب والمحلل السياسي ناجي أمّهز مقالًا غير اعتيادي، لم يكن مجرد تحليل سياسي، بل كان بمثابة إشعار مبكر، وتنبؤ استراتيجي، وجرس إنذار من المستقبل تحقق مع قادم الايام
يقول امهز: ترامب سيقوم بعمل كبير في المنطقة وخاصة ان نتنياهو يحضر نفسه لمثل هذا السيناريو، فلا مفر من هذا العمل الكبير بعيدا عن النتائج التي بالتأكيد لن تكون كما يتصورها محور (امريكا-اسرائيل) فالمحور المعادي لامريكا قوي ومتين وقادر على المواجهة والصمود..
وبالفعل نحن اليوم نشاهد هذا العمل الكبير، وايضا نشاهد الصمود خاصة في غزة وما يقوم فيه اليمن، وما قامت فيه المقاومة بصد الغزو الاسرائيلي لجنوب لبنان.
قال أمّهز يومها: “العالم لن يبقى كما هو مع بداية عام 2022”.
وتساءل في المقال نفسه: “هل سيفوّت قادة النظام العالمي هذه الفرصة، وينتظرون ما سيقرره بايدن والحزب الديمقراطي، أم أنهم الآن يتفاوضون مع بايدن على إكمال مشروع ترامب؟”
واليوم، بعد سنوات من ذلك المقال، تعود الأسئلة نفسها لتطفو على سطح الأحداث من جديد، ولكن على لسان ترامب نفسه، لا عبر تنبؤات كاتب متمرّس فحسب، بل عبر ادعاءات صادمة توحي بأن بايدن الحقيقي لم يعد موجودًا، وأن النسخة الظاهرة للرأي العام ليست إلا استنساخًا مصطنعًا، أُعيدت برمجته لإكمال ما بدأه ترامب.
في مقاله آنذاك، لم يقل أمّهز إن ترامب سيشن حربًا، بل قال: “ترامب سيقوم بعمل كبير في المنطقة… فلن يقبل أن يخرج من الرئاسة إلى المحاكمة… أو سيحرق ما يمكن إحراقه حتى لو انقسمت أمريكا”.
ما الذي جرى فعلاً؟
من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا، ومن الانسحاب الأمريكي المثير للجدل من أفغانستان إلى التصعيد مع روسيا والصين، مرورًا بإعادة تعريف العدو والصديق، بدا بايدن وكأنه يواصل الخطة التي رسمها ترامب، بل إن بعض السياسات أصبحت أكثر تطرفًا مما كانت عليه في عهد الجمهوريين.
من هنا، تصبح نظرية “بايدن المستنسخ” ليست مجرّد هلوسة من ترامب، بل تعبيرًا فاضحًا عن تشظّي الثقة بالنظام العالمي، حتى بين أقطابه.
ويشير أمّهز في مقاله عام 2020 إلى أن بايدن كان بمثابة رجل “محكوم بالإعدام”، وقد جاء في نصه: “وبحال لم يقتنع صنّاع القرار بهذه الصورة النمطية لبايدن، لأنه كالمعتاد للحزب الديمقراطي أجندة مختلفة عن الحزب الجمهوري وإن كانت بالختام تصب في ذات الاتجاه، إنما بأساليب مختلفة. سنسمع أنهم ذاهبون إلى التحكيم أو سيتم حذف الكثير من الأصوات لبايدن، وسيقبل بايدن بكل رحابة صدر بالنتيجة، لأن صورة جون كينيدي ستكون رفيقته. ولا تنسوا أبدًا أن جون كينيدي هو كاثوليكي وفاز عن الحزب الديمقراطي وعندما تم اغتياله قالوا قُتل الأيسر. وتذكروا أن جون بايدن هو كاثوليكي وفاز عن الحزب الديمقراطي وهو أيضًا أيسر ويمكن اغتياله إن خرج عن قواعد اللعبة.”
ويشير امهز ضمنيا انه بحال رفض بايدن شروط النظام العالمي ستكون نهايته ككينيدي، واليوم يقول ترامب ان بايدن لاقى نفس مصير كينيدي.
الخاتمة:
في عالمٍ تتداخل فيه الحقيقة مع الخيال، تصبح نظريات المؤامرة أكثر من مجرد أوهام؛ إنها انعكاسات لواقعٍ معقّد، حيث يُستخدم الخيال لتفسير الأحداث الجارية. وما كتبه ناجي أمّهز في عام 2020 لم يكن نبوءة بقدر ما كان تفكيكًا مبكرًا للبنية الحقيقية لما يُراد للعالم أن يبتلعه: أن الوجوه تتبدّل، لكن المشروع واحد.
ومع ترويج ترامب لفكرة “بايدن المزوّر”، لا نملك إلا أن نسأل: من يحكم العالم فعلًا؟ وهل ما نراه هو السلطة أم ظلّها؟
ويمكنكم العودة الى مقال ناجي علي امهز عام 2020 تحت عنوان: التفاصيل الكاملة لما يجري وسيجري قبل نهاية ترامب ووصول بايدن.