
عندما تُسدّ سبل التحوّل ويتيقن الفقير الحال انّه لن يكون صاحب ثروة يتمسك بحبال الثقافة لعلّه يستطيع إعدام الطغاة بالمشانق فإن لم يفلح بقلمه يتقيّد بقوة بتعاليم وطقوس الدين والاعراف لعلّه ينجح في الغيب حيث فشل في الواقع فإن لم يقوَ على مهالك وملاعب ومتاعب الدين نادى بالاخلاق لعلّه يستطيع ردع سارقي رغيف الخبز من امامه.
يظن الفقير إن الاله وكالة حصرية له.
للثري هيبة اينما حلّ.
ليبرّر الفقير تخبطّه بلا إثبات في اليد يتهم الآخر بالحسد وبقوة شرّ العين ما يضطرّه للجوء للحذر ولتجنب الجار والقريب أصحاب العيون الزرقاء والأسنان المتباعدة والقصيري القامة.
الثري احتمال نجاة للآخر.
بتأثر الفقير بالكتب الأدبية والثورية وبالاناشيد الوطنية وبحكايات الابطال في الروايات الدينية ينضم للاحزاب وللتنظيمات ذات الطابع السري والعنفي لعله ينجح عبرهم بقلب الطاولة على الجميع لعلّ الجميع يعودون لخط البداية في السباق .
الثري إحتمال باب رزق للآخرين ومفتاح يفتح كل ابواب السلطة والعمل وحتى الصحة،يكره الاحزاب ويرى في رجل الدين سمسارا جيدا لاستبدال الحسنات بالسيئات.
الفقير فأل سيء يمنع الرزق فإن دخل حتى مجلساً ليقدم فيه العزاء اجلسوه في الخطوط الخلفية وإن دخل مطعماً يتأخرون في سؤاله عن رغبته بالطعام لأن الأفضلية دائما لغيره لا لجوعه.
الثري مرحب به اينما حلّ لأن في وجهه نور يبشّر برزق محتمل وبإيمان عميق الذي لولاه ما انصفه الاله بالمال والرزق الممنوع عن غيره.
الفقير إن حكى شكك المستمعون بكلامه وتأكدوا من دقّة الأخبار و حتى لو صدق لا ينقل احد عنه رأياً ولا تحليلاً لأنه مرجع لا ثقة فيه دائما.
الثري إن حكى تناقل المستمعون والمشاهدون حكاياه و أخبروا الجميع عن اسرار اللقاء .
الفقير إن حكى يضطر ان يقسم اليمين ليصدقوه وان يذكر اسماء المراجع التي ينقل الكلام عنهم.
الثري لا ينطق عن هوى إنما عن معلومات وثيقة ودقيقة وإن كذّب لا يحتاج للقسم لأن الجميع مستعدون دوماً ان لا يعارضوه.
الفقير إن ارتدى قميصا وبنطالا جميلين سأله الجميع عمن اهداه الثياب او من أين سرقهم بينما الثري إن ارتدى ثياباً أنيقة حتى لو غير مناسبة لجسمه سارع الموجودون بتهنئته لحسن ذوقه الفني الرفيع.
الفقير يشدّ الآخر نحو الاسفل وإن مشى يتكاثر الشوك في دربه وإن بكى لا يهتم لنحيبه احد بل ربما تسبب بلوعته ازعاجاً للآخرين.
الثري إن عبس تزاحم من حوله المتبرعون للتهريج لعلّه يستعيد بعضاً من ابتسامته.
ان تكون في الوسط بين الفقر وميسوري الحال فأنت عرضة للتناطح،الفقير يرعبك لأنك تخشى ان تعود حيث كنت او كان اباك وفي الوقت نفسه يزعجك الثري بثرثرته .
ابق في الوسط ما استطعت ولا تخطو خطوة نحو الوراء ولا نحو الامام ففي الحالتين ستصاب بالارق.
حاول.
د.احمد عياش
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.