
في لقاء حواري في المركز الإسلاميّ الثقافي
العلامة فضل الله:لا يمكن لأحد ان يكون بديلا عن الدولة
عقد العلّامة السيّد علي فضل الله لقاءً حواريًا في المركز الإسلاميّ الثقافي في حارة حريك تحدث فيه عن “آليات محاسبة النفس” ومن ثم أجاب خلاله على عدد من الأسئلة والاستفسارات …
قال: كثيرة هي التحدِّيات الّتي تواجه الإنسان في سعيه لتعزيز الإيمان في نفسه، وأبرزها تحدّي الشّيطان الّذي أعلن بكلّ وضوح عداءه للإنسان لذلك نجد أن الإنسان أنه قد يكذب ويغشّ ويتلاعب وقد تسول نفسه بان يقوم بهذه الأمور ان لم يردعها ويروضها داعيا إلى ضرورة محاسبة النفس التي قد تسقط أمام الغرائز والشهوات والعصبيات والمناصب وهذا يرتب علينا مسؤوليات كثيرة لرعاية النفس وتطهيرها من كل الشوائب التي تكون قد علقت بها.
وأضاف: الإسلام لم يدع الإنسان يواجه شيطانه ونفسه الأمّارة بالسّوء وحده من دون سلاح، بل اهتمّ بتربيته الروحية وبناء شخصيّته وتحصينها، من خلال تزكية النفس وتدريبها وكمالها يكون بتحصينها من التلوّث بالموبقات والذّنوب والمفاسد والانحراف وغير ذلك.
وتحدث سماحته عن أهمية الرقابة الداخليّة والذاتيّة للنفس والمراجعة الدائمة لما تقوم له… وهو ما ينعكس إيجاباً على الإنسان الفرد فحسب، بل تجاه المجتمع وتجاه الحياة ككلّ، لأنّه، من اعتاد الرّقابة الذاتيّة، فمن السّهل عليه أن يتقبّل رقابة المجتمع أو المؤسّسة، بحيث تصبح الشفافيّة طابع شخصيّته، ولا فرق لديه بين ظاهره وباطنه، ولا يظهر بعكس حقيقته، وكذلك لا مشكلة لديه مع المحاسبة، لأنّه اعتادها وبات جاهزاً لممارستها.
وتابع: للأسف، فإنّ هذه الرّوحيّة، روحيّة النّقد الذاتي، بدأت تختفي في مجتمعاتنا، وفقدناها على مستوى الفرد، تراه لا يقبل أيّ نقد او أي مساءلة أو استفسار حول عمل أو خطأ، ويعتبره اتهاماً، ويتمترس خلفه، ويصبح الأمر بالنّسبة إليه شخصيّاً وموقفا عدائيّاً مشيرا إلى أننا بتنا نخشى من اي نقد يوجه إلينا لاننا نعتبر انفسنا فوق النّقد والمساءلة، وهذا ما كان ليحصل لو أنّ الإنسان اعتاد أن يسائل نفسه ويحاسبها ويصلحها معتبرا ان النقد الذاتي هو بداية لصلاح المجتمعات ومحطة انطلاق لتطويرها ونهوضها.
وحذر سماحته ممن يريدون ان يتلاعبوا بمجتمعاتنا من خلال بث الإشاعات والتفرقة والاكاذيب حتى يسقطونها من اتون الانقسامات والعصبيات ما ينعكس توترا واستنفارا على بعضه البعض.
ولفت سماحته إلى ظاهرة خطيرة بدأت تتسلل إلى واقعنا من خلال من يسعى لزرع المخاوف الأمنية والاقتصادية والسياسية فيه مستغلا بعض الاحداث والتطورات لضرب وحدته وتضامنه وثقته امام هذه التحديات التي تواجهه ليسقط أمامها ولكي يرضخ للإملاءات التي قد تفرض علينا من هنا وهناك.
وتطرق سماحته إلى ظاهرة الفوضى والصراعات التي نعاني منها مشيرا إلى انها تسهم في تضرب الاستقرار الداخلي وتسيء إلى النظام العام وتهدد حياة الناس داعيا الدولة وكل المعنيين والحريصين على وحدة المجتمع إلى مواجهة هذه الآفات الخطيرة وهذه العقلية العشائرية والحزبية والمناطقية وهذا المنطق المتخلف والصراع على المصالح والحصص ما يولد الكثير من الاثار السلبية التي يستغلها كل من لا يريد خيرا بمجتمعاتنا.
وأشار سماحته إل أن التجارب السابقة أثبتت أنه لا أحد يستطيع ان يكون بديلا عن الدولة داعيا الجميع العمل على بناء الدولة القوية والعادلة والقادرة على حفظ هذا البلد والتي تستطيع مواجهة كل هذه المخاطر وتمنع كل من تسول نفسه تهديد استقرار وامن لهذا الوطن.
وفي سؤال عن انتشار ظاهرة المضافات مع قدوم عاشوراء قال اننا نحيي هذه الروحية التي انطلق بها أصحاب المضافات من التعبير عن محبتهم واخلاصهم للإمام الحسين(ع) داعيا إلى تنظيمها من قبل البلديات والقائمين عليها حتى تمثل صورة حضارية لهذا الخط وتؤدي دورها في إيصال الرسالة الإنسانية لهم.