
يا عباس،
هل لاحظت،اغلب الذين يواظبون على الكتابة والتعليق، هم أشخاص اقتربت أعمارهم من الستين واغلب الذين يواظبون على النقد والانفعال مع الكتابة هم الذين اقتربت أعمارهم من السبعين.
صحيح فالمجموعة الأولى تعبّر عن تقاعدها وخيباتها الاجتماعية والسياسيةوالمجموعة الثانية تؤكد الإصابة بتصلب الشرايين السياسي والديني والطائفي.
لا،المجموعتين فقدا المرونة العقلية يا عباس ويصعب اقناعهما بمستجدات فكرية،أنّ من أعجبوا بهم قد رسبوا في الامتحان او انهم قد سقطوا كمنوذج في الجبهة والمجتمع.
الجميع يطلب رضى الله ليفوز بالجنة بعدما خسروا رهاناتهم في الدنيا.
نعم،منهم من يعيد النظر مؤقتاً في رأيه الا أنه يعود سريعا كالفهد لآخر مربع في الذاكرة ليكرر نفسه.
يدافع عن برمجة دماغه متهما الجميع بعدم القدرة على التحليل والاستنتاج .
لستَ هنا يا عباس لتقنع احداً.
انت هنا لتترجم عاطفيا ومنطقياً وقدر الإمكان ما يحصل معك اولا وما يحصل من حولك.
نحن هم “من حولك” فارأف بنا قليلا ولا تصرّ على أمنياتك اكثر مما رضيت به من خيباتك.
كلنا مهزومين يا عباس فاطمئن ولا تحسد ولا تحقد على أحد.
هزمتنا الصحة ونال منّا العمر اكثر من العدو الأصيل والمصارف.
ماذا؟
الشباب لا يكتبون ولا يقرؤون ولا يهتمون.
انهم منزعجون منّا ومما نقوله.
هجروا كل ادوات تواصل نحن فيها.
دعهم يهربون،نحن لم نفشل إنما في أقل تقدير لم ننجح،اورثناهم دولة فاسدة وبلادا بلا نور وبيوتا بلا ماء وحمّلناهم اقلاما وشهادات رغم انهم يفضلون الهواتف الذكية اكثر واخطر ما فعلناه اننا نقلنا إليهم سمّنا الطائفي.
كل الوطنيين دفعوا الثمن غالياً.
نحن اهل الذكاء الطبيعي ما عاد احد يفيدنا فالتوجه نحو الذكاء الاصطناعي وانت ما زلت تخبرني يا عباس عن حكايات ابو زيد الهلالي وكسرى انو شروان وحتى عن دونكيشوت وتفتخر انك قرأت الاخوة كرامازوف.
الهوة كبيرة بيننا وبين الآتون من بعدنا.
بكبسة زرّ يُحضرون لك عنترة بن شداد مقيداً امامك يرجوك ان تعتقه وبكبسة زر سيجدون من أين يصدر اوامره يهوه بالقتل في السماء.
وصلوا الى الربّ يا عباس،
يا عباس،
لنتواضع ولا داع ان يقنع أحدنا الآخر بما لديه فأغلبنا يظن ان في ذلك وفاء واخلاص لافكاره ولمبادئه وانا أخشى أن يكون في ذلك كلّه تصلبا أقوى بالشرايين…
تصلّبت شرايين ادمغتنا فصرنا نجتر الماضي وندافع عنه ولا احد يريد أن يكون موضوعياً.
حفل جنون يا عباس والدعوة عامة.
ناقش انما لا تناقش كثيرا فأنت لن تقنع احداً.! إنما سيكثر اعداؤك.
اقول كلامي هذا واستغفر الله لي ولكم.
عُلم.
د.احمد عياش
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.