
حسين مرتضى
منذ انتصار الثورة في إيران وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية تبدّلت تحالفات القيادة الإيرانية واتخذت موقفاً داعماً للقضية الفلسطينية وبالتالي أصبحت العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية علاقة متوترة وقد وصلت لحد العداء.
حالة العداء لم تتحوّل إلى حرب مباشرة بمعنى المواجهة العسكرية الشاملة، إنما كانت نموذجاً للصراع الدبلوماسي والسياسي إضافة للمواجهات الغير مباشرة عبر حلفاء للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وفي المعركة الأخيرة لا يمكننا تقييم النتائج النهائية بشكل مباشر بين رابح وخاسر إنما يمكننا تقييم حقيقة ماجرى على الأرض.
بداية الإدارة الأميركية اعتمدت على المراوغة السياسية والخداع الدبلوماسي عبر فتح قناة للتفاوض الفعّال مع الجانب الإيراني وكانت مهلة الستين يوماً جزء من عملية الخداع ليقوم بعدها كيان الاحتلال بتنفيذ عملية عسكرية ـ أمنية مركبة هدفها تغيير النظام في طهران.
إنّ العملية الصهيونية ارتكزت على الخرق الأمني عبر شبكات التجسّس وخلايا العملاء وعلى الرغم من عامل المفاجأة وقوة الضربة الأولى إلا أنّ القيادة الإيرانية تمكنت من امتصاص الصدمة وتفعيل خطة الطوارئ والبدء بالردّ على العدوان بشكل مدروس.
الحرب الحقيقة كانت من خلال سعي واشنطن وحكومة الاحتلال إلى إسقاط النظام في طهران وخلق حالة من الفوضى وقد تمكنت القيادة الإيرانية من إفشال هذا الهدف والبدء بمعركة مفتوحة ذات طابع تصاعدي أثبتت وحدة المجتمع الإيراني وهشاشة المجتمع الصهيوني.
مع استمرار المواجهة وتدحرج كرة اللهب باتجاه الكيان المحتلّ بدأت حكومة الاحتلال التوسل للإدارة الأميركية بالدخول المباشر، الأمر الذي حصل دون نتائج ميدانية تُذكر، ليأتي الردّ الإيراني حاملاً رسائل سياسية لواشنطن ودول المنطقة، وبالتالي تمكنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من فرض معادلة ردع استراتيجي جديدة أعادت معها رسم خارطة المنطقة.
ومن خلال قراءة سياسية لنتائج وقف الحرب نجد أنّ أبرز النتائج تركزت بالعودة إلى طاولة التفاوض بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي مع وجود احتمال لتوسيع المفاوضات لتشمل الترويكا الأوروبية، الصين وروسيا، إضافة لتعديل شروط التفاوض، ودخول إيران بجولة جديدة بسقوف أعلى سياسياً وتقنياً.
كما أنّ الحرب الأخيرة أعادت إيران إلى دورها الإقليمي كدولة فاعلة إضافة لتعزيز محور المقاومة الممتد من طهران إلى العراق، اليمن، وحزب الله في لبنان خاصة بعد المتغيّرات الأخيرة التي أخرجت سورية من المحور.
لقد تمكنت طهران من تحريك ملفات ساكنة من بينها تحميل بعض الدول الخليجية مسؤولية إعادة إعمار ما تضرّر في إيران، ولبنان مع وقف للخروقات الإسرائيلية على لبنان وتحريك ملف وقف الحرب على غزة، وإعادة الإعمار وفكّ الحصار عن اليمن.
على الرغم من قساوة المشهد إلا أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية ثبّتت وجودها السياسي والعسكرية في المنطقة والإقليم لتبدأ مرحلة جديدة تحمل معها ملامح الفترة المقبلة…