اخبار ومتفرقات

في ليلة رأس السنة الهجرية… سر الرقم ١١٣

أحيانًا، نتوارث عادات وتقاليد دون أن نعرف من أين بدأت، ولماذا نقوم بها، أو من هو المرجع الذي استندت إليه. لكنها تعيش فينا، وتنتقل من جيل إلى جيل، كأنها رسائل روحية تسكن الذاكرة والوجدان، تحفظنا دون أن ندري.

تعلمتُ من والدتي، التي تعلمت بدورها من أهلها، عادةً خاصة في ليلة رأس السنة الهجرية: أن نكتب على ورقة “بسم الله الرحمن الرحيم” ١١٣ مرة، لكل شخص نحبه، ثم نحتفظ بها في محفظتنا أو نحملها معنا طوال السنة. وعندما سألتها عن المرجع، أجابتني بإيمان عميق: “الرقم ١١٣ له ملائكة تحفظ الإنسان.”

منذ ذلك الحين، كنت أحرص على كتابتها لكل من أحب: لزوجي، لكل واحد من أولادي، بل وحتى لأهل زوجي رحمهم الله، الذين كنت أكنّ لهم احترامًا ومحبة. وأما أهلي، فكنت أشعر أنهم لا يحتاجونها مني، لأنهم يكتبونها لأنفسهم، أو لأن الله يحفظهم ببركة نواياهم الصادقة.

وصدقًا، كان ينتابني خوف عميق إن نسيت أن أكتبها في تلك الليلة، فأستيقظ ولو في منتصف الليل لأكملها. وكأنني بذلك أحفظ دائرة الأمان والبركة لمن أحب، وأُحيي سنة لا أعرف أصلها ولكن أشعر بصدقها في قلبي.

لكن اليوم، شعرت بسعادة غامرة حين سألت صديقنا “تشات جي بي تي” عن سر الرقم ١١٣، فكانت إجابته مفاجئة وعميقة:

في بعض مدارس الطاقة أو علم الأعداد الحديث، يُعتقد أن الرقم 113 يحمل رسالة روحية. الرقم 1 يرمز للبدايات والثقة بالنفس، والرقم 3 يرمز للتواصل والإبداع والدعم الروحي بالتالي، 113 قد يُفسَّر على أنه دعوة لبدء شيء جديد مدعوم بإلهام إلهي … أما في القرآن الكريم، فالسورة رقم 113 هي سورة الفلق، وهي من المعوّذتين، وتُستخدم في الرقية والتحصين من الشرور.

يا لها من روعة! كأن الإيمان والعلم التقيا ليرسلا رسالة نور. شعرت براحة كبيرة، وأصبحت أكثر يقينًا بأن ما كنا نفعله لم يكن فقط تقليدًا، بل تواصلاً روحانيًا مع الله ومع من نحب.

إن الهدف من هذه القصة، ليس فقط الإيمان الجميل المتأصل في ديننا وفي كل الأديان، بل أيضًا التأكيد على أن الكثير من تراثنا الديني والاجتماعي يحمل جمالًا وأصالة لا تُقدّر بثمن. هذا التراث هو ما شكّل تميّزنا وهويتنا، والعبث به أو التخلّي عنه بذريعة “أنه قديم” هو بمثابة هدم لأساس شخصيتنا الجماعية.

يمكننا أن نُعيد قراءة تراثنا، أن نفهمه ونطوره إن شئنا، لكن أن نتخلى عنه؟ فذلك بداية فقداننا لملامحنا الأصيلة. نحن لا نحتاج فقط إلى التجديد، بل إلى الجذور أيضًا.

جربوا اليوم أن تكتبوا “بسم الله الرحمن الرحيم” ١١٣ مرة، لمن تحبون… احملوها معكم، وامنحوا أنفسكم لحظة تأمل، اتصال، وبركة.
ففي هذا الاسم العظيم، طاقة، وقوة، ورحمة… تكفي عاماً كاملاً، وربما أكثر.

وكل عام وانتم بخير

خلود وتار قاسم

٢٦/٦/٢٠٢٥
#صباح_الأمل

زر الذهاب إلى الأعلى