
نحن أكثر من سبعة مليارات إنسان، نعيش على كوكبٍ صغيرٍ عائمٍ في كونٍ شاسع، لا تزال نهاياته مجهولة…
كوكبنا، بكل ما فيه، لا يعدو كونه ذرة غبار في مجرةٍ واحدة، من بين بلايين المجرات.
فإن كانت الأرض نفسها مجرد نقطة في هذا الاتساع المذهل… فكيف بك أنت؟ ما حجمك الحقيقي؟
ورغم ذلك… نرى بعضنا يتعالى، يزهو، يتكبر، كأنه مركز الكون!
ولكن مهلاً…
قد نكون بحجم لا يُرى في ميزان هذا الكون، لكن فينا قدرة لا تُقاس.
فكل كلمة ننطق بها، كل فعل نقوم به، كل فيديو أو منشور نتانقله، كل قرار نتخذه—له أثر…
ربما لا نراه مباشرة، لكن ارتداداته قد تُحدث فرقًا، وقد تمتد، وقد تُغيّر.
“وتحسب أنك جرمٌ صغير، وفيك انطوى العالمُ الأكبر”…
بهذا البيت الرائع، يلخّص الإمام علي حقيقة وجودنا: لسنا مجرد أجساد، بل طاقات، وأفكار، وتأثيرات…
وجودك في هذه الحياة ليس عبورًا عابرًا، بل رسالة…
فلتكن مرورك على الأرض ذا معنى، لا كمًّا.
ادرك حجمك في هذا الكون، ولكن لا تنسَ أبدًا عُمق دورك فيه.
تواضع تواضع تواضع أمام عظمة الخلق، لكن اسعَ لأن تترك أثراً لا يُمحى…
ربما لا نُرى من بعيد، لكن قد نُحدث فرقًا يلمسه الوجود بأسره.
رسالتي إلى كل من ظنّ نفسه فوق الناس، وتكبّر وتجبر، وظلم وقتل ونهب وأفسد…
توقّف لحظة، وانظر من حولك…
أدرك حجمك في هذا الكون الفسيح، فأنت لا تملك منه شيئًا، ولا سلطان لك على مصير أحد.
ما من قوة تدوم، ولا من عرشٍ يخلُد، ولا من بطشٍ ينجو…
فمن منحك اليوم ما تملك، قادر على أن ينزعه عنك في غمضة عين.
استمع لكلام الحق الذي لا يزول:
“قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”
صدق الله العظيم.
خلود وتار قاسم
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.