
الخطة وُضعت، والسيناريو رُسم بعناية، والمعارضة ليست وازنة. ما يُحضّر للبنان يتجاوز كل ما سبق من أزمات، فالمسألة اليوم لم تعد خلافًا سياسيًا داخليًا، بل تهديد وجودي خارجي، تُنسج خيوطه على أعلى المستويات الدولية.
الإدارة الأميركية، التي كانت قد وضعت فيتو صارمًا في وجه انضمام مقاتلين أجانب من آسيا إلى الجيش السوري، عادت وتراجعت بصمت. فسمحت بانضمام هؤلاء إلى القوات المسلحة السورية، ليصبحوا جزءًا من تركيبة الجيش الرسمي. هذه الفصائل المسلحة، اليوم، متمركزة على الحدود اللبنانية–السورية، ومجهزة بكل ما يلزم لتنفيذ سيناريو خطير.
مصادر مطّلعة تؤكد أن هذه الخطة نوقشت ورُسمت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ويدفع باتجاهها اليمين الإسرائيلي المتطرف، واللوبي الصهيوني في واشنطن، إضافة إلى متشددين في الإدارة الأميركية السابقة، ممن لا يزال لهم تأثير في دوائر القرار حتى اليوم.
وبحسب بعض المراقبين، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعطى موافقة ضمنية على هذا السيناريو خلال مباحثاته مع ترامب. الخطة تمنح أنقرة شرعية البقاء العسكري الدائم في شمال سوريا، عبر قواعد ثابتة، في مقابل غضّ الطرف عن تحرّكات إسرائيل داخل لبنان — اغتيالات، تفجيرات، انتهاكات متكررة للسيادة، وأعمال عدائية في الشمال والجنوب.
الشق اللبناني من الخطة يتضمن أيضًا محاولة خلق توازن سياسي جديد، عبر تقديم امتيازات لقوى لبنانية معارضة للمقاومة، في محاولة لعزلها داخليًا وتحجيم نفوذها.
المفزع أن أغلب دول الخليج، باستثناء سلطنة عُمان، تؤيد هذا المشروع. أما الموقف المصري، فهو اعتراضي شكلي، لا يرقى إلى مستوى رفض حقيقي. ومع كل ذلك، فإن لبنان وحده يواجه هذا الخطر الداهم، بلا غطاء دولي، وبلا شبكة أمان عربية.
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وخلال لقائه الأخير في البيت الأبيض، منح الضوء الأخضر علنًا لإسرائيل في خروقاتها واعتداءاتها اليومية على لبنان. أما الرؤساء الثلاثة في لبنان — رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب — فهم بنظر الإدارة الأميركية أرقام لا معنى لها في معادلة الشرق الأوسط الجديد.
اليوم، لبنان مكشوف تمامًا:
• المقاومة تلتزم الصمت الاستراتيجي،
• الدبلوماسية الرسمية غارقة في التخاذل،
• الموقف العربي والدولي يتعامل مع القضية اللبنانية كخبر ثانوي،
• والانتهاكات الإسرائيلية أصبحت يوميات بلا رد،
• أما “الأم الحنون” فرنسا، فباتت عاجزة لا تملك من أمرها شيئًا.
صحيح أن هناك اعتراضات داخل بعض أروقة الكونغرس، والبنتاغون، ووزارة الخارجية الأميركية، وحتى داخل البيت الأبيض… لكنها معارضة خجولة لا ترقى إلى مستوى تعطيل المخطط.
في هذا المشهد القاتم، لم يعد لدينا سوى الأمل… الأمل بالعامل الغيبي. لذلك، نتوجّه بالدعاء، علّ السماء تُنقذ وطنًا تركه الجميع في مهب الريح.
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.