
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، قادة الدول العربية،
إلى جامعة الدول العربية،
الموضوع: نداء عاجل لتشكيل لجنة ضغط عربية لوقف الإبادة في غزة، ومجزرة السويداء، والتدمير الممنهج للمنطقة
أخاطبكم اليوم، لا بصفتي مواطنة لبنانية عربية فحسب، بل كأمٍّ تُشاهد، وكإنسانة تأبى الصمت، وكصوتٍ ما عاد يحتمل الوقوف على حافة الجحيم دون أن يصرخ.
من غزة إلى جنوب لبنان، وصولًا إلى السويداء… شعوبنا تُباد، تُجوَّع، وتُمحى، فيما العالم يكتفي بالمراقبة، يتفرّج كأنّ ما يُعرض على الشاشات فيلم خيال، لا واقع يقطر دمًا ويمزّق أرواحًا. المجاعة في غزة لم تكن نتيجة حرب، بل سلاحٌ بحد ذاته. التجويع، التهجير، الدمار، قتل الأطفال في أحضان أمهاتهم، كل ذلك ليس عارضًا، بل خطة ممنهجة لإبادة جماعية، تُبَثُّ مباشرةً أمام أعين البشرية المصابة بالخَرَس.
منذ عملية طوفان الأقصى في ٧ تشرين الأول، ودماء الفلسطينيين لم تجف، لا من تحت الأنقاض، ولا من أفواه الأطفال الجياع الذين يموتون عطشًا في خيامٍ بلا ماء، بلا دواء، بلا ظل، تحت شمسٍ تحرق كل من تبقّى على قيد الحياة. وفي السويداء، يُقتل الشباب لأنهم طالبوا بحقهم. وفي جنوب لبنان، أمهات تحتضن أطفالهنّ في كل غارة، لا يعرفن أتبقى لهنّ بيوت بعد الليل أم تُسوّى بالأرض.
ومع هذا، تلتزم القوى الدولية الصمت. صمتٌ لم يعد موقفًا، بل شراكة في الجريمة.
المنظومة السياسية اليوم لم تعد فاشلة فحسب، بل وقحة ومجرمة.
كيف ستجيبون أطفالكم حين يسألونكم:
“أين كنتم حين ماتت غزة جوعًا؟”
“وحين ذُبِح الناس في السويداء؟”
“وحين أُحرقت القرى في الجنوب؟”
هل ستقولون: “كنا نشاهد… صامتين… ننتظر التعليمات”؟!
لم يعد هناك وقتٌ للمجاملات. لا وقت للبيانات المكرّرة. نحتاج الآن إلى تحرّكٍ عربيٍّ موحّد وجريء. نحتاج إلى لجنة ضغط عربية تتحدث وتتحرك باسم العدالة، وباسم ما تبقّى من ضميرٍ في هذه الأمة.
الإبادة يجب أن تتوقف… الآن.
أنتم تملكون النفوذ، والموارد، والمكانة.
فلمَ لا تُستخدم في نصرة الإنسان؟
إذا لم يكن الآن، فمتى؟
إذا لم يكن من أجلهم، فلأجل من؟
إذا لم يكن باسم الإنسانية، فباسم ماذا إذًا؟!
أناشدكم، لا رجاءً بل حقًّا، كعربيةٍ، كأمّ، كإنسانةٍ نشأت على ميثاق حقوق الإنسان، وعلى مبادئ العروبة التي لطالما افتخرنا بها، أن تتحركوا فورًا. شكّلوا لجنة طوارئ لإنقاذ غزة، أرسلوا بعثات طبية، ناشدوا الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، طالبوا بوقف المجازر، وافتحوا الممرات الإنسانية.
إن ما يجري لن يُنسى، فكل جريمة اليوم تُسجّل حيًا أمام ملايين العيون، ولن تُمحى من الذاكرة.
لا تجعلوا من تاريخكم شاهدًا على الجبن.
بل اصنعوا منه فصلًا نقيًا من الشجاعة.
بألمٍ عميق… وأمل لا يموت،
خلود وتار قاسم
مواطنة عربية وأمّ قلقة على مصير الأمة
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.