
تحت رعاية نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ علي الخطيب، أُقيم في مقر المجلس حفل توقيع كتاب “سردية الحرب الكبرى – رواية سيرية” للوزير السابق الدكتور طراد حمادة، وسط حضور بارز من الشخصيات السياسية والدينية والاعلامية والثقافية.


استُهل الحفل بكلمة تقديمية للإعلامي الدكتور روني ألفا، الذي وصف الرواية بأنها “أمسِيَةٌ متَحدِّرَةٌ من أصْلِ الكرامة”، مشيدًا بلغة الكاتب التي لم تنكسر حروفها رغم قسوة الحرب. واعتبر ألفا أن كلمات حمادة في روايته السيرية تمثل نموذجًا للصبر والكرامة، وأن الكتابة في حد ذاتها فعل مقاومة، حيث قال: “الكتابة إطلاق عارٍ على المتخاذلين وإطلاق غارٍ على المقاومين”.
من جانبه، قدّم النائب الدكتور إيهاب حمادة مداخلة نقدية عميقة، عبّر فيها عن حيرته وتأثره الشديد أثناء قراءة الرواية. تساءل حمادة عن طبيعة النص، هل هو رواية بالمعنى التقليدي، أم سيرة، أم شعر، أم توثيق فلسفي؟ وقارن العمل برواية “الحرب والسلام” لتولستوي، مشيرًا إلى أن كليهما لا يكتفي بسرد الأحداث التاريخية، بل يغوص في أعماق النفس البشرية وتساؤلاتها الوجودية. وأشار إلى أن الرواية تحمل سمات أدب ما بعد الحداثة، مثل تكسير الحبكة التقليدية واللعب بالزمن، مؤكدًا أن السرد فيها جاء دقيقًا وشاعريًا ومؤثرًا لدرجة دفعته إلى البكاء الشديد عند الانتهاء من قراءتها.
بدوره، قدّم الدكتور عبد المجيد زراقط قراءة أكاديمية، مفرقًا بين “الرواية” و”الرواية السيرية”، حيث أوضح أن الأخيرة تتخذ من وقائع سيرة المؤلف والمرحلة التي عاشها مادة أولية لبناء عالم روائي متخيل. وأثنى زراقط على جعل الكاتب القارئ شريكًا فعليًا في إنتاج النص من خلال الحوارات المفتوحة والأسئلة التي يطرحها. كما تناول فكرة “البطولة المعاصرة” التي لا تتمثل فقط في حمل السلاح، بل أيضًا في ثبات الكاتب الذي يمسك قلمه ليكتب عن الحرب، فيصبح فعل الكتابة نفسه مقاومة. ورأى أن الرواية هي محاولة لتعويض الفقد الذي تسببه الحرب، وأنها تؤكد أن المقاومة هي السبيل الوحيد للدفاع عن الوجود الحر وتحقيق العدل.
واختتم الحفل بكلمة موجزة للمؤلف الدكتور طراد حمادة، الذي أوضح أنه قال كل ما يريد قوله في هذه الرواية. وأشار إلى أن الكاتب المتقدم في السن لا يجد في زمن الحرب وسيلة سوى الكتابة عنها، معتبرًا أن “الحرب هي التي تكتب روايتها”. وأكد أنه كتب هذه السردية في حالة من الحزن والقلق العميق على مصير وطنه وشعبه، وأنها تطرح إشكاليات فلسفية حول الوجود والعدوان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، معبرًا عن يقينه بأن العالم سيصل في النهاية إلى “دولة القسط والعدل”.

معالي الوزير والصديق العزيز الدكتور طراد حمادة،
تحية إكبار وتقدير،
تلقيتُ ببالغ الفخر والاعتزاز حفل مؤلَّفكم القيم “سردية الحرب الكبرى”، والذي هو بحق أكثر من مجرد رواية. ففي صفحاته، لم تكن مؤرخًا يسجل الأحداث عن بُعد، بل كنت الشاهد الذي عاش الحرب وذاقها، فجاءت كلماتك صادقة كنبض القلب الذي كتبت على إيقاعه.
لقد حوّلتَ القلم، الذي قد يرتعش في يد الكثيرين من هول المأساة، إلى أداة للثبات والمقاومة، فصارت صفحات كتابك ميدانًا للدفاع عن الوجود الحر وكرامة الإنسان. في هذه الرواية السيرية، امتزجت تجربة الفرد بمصير الوطن، فكتبت حكاية جيلٍ بأسره، مؤكدًا أن التاريخ يكتبه الصانعون العاشقون في ميادين القتال وفي ميادين الفكر.
إنها وثيقة حية للأجيال وصرخة أمل بأن هذا الليل لا بد أن ينجلي بفجرٍ يصنعه الثابتون على الحق.
أبارك لكم هذا الإنجاز الفكري المقاوم، وأبارك لوطننا قلمكم الذي لا يكلّ.
دمتَ للوطن قلماً حراً وفكراً منيراً.
أخوك،
ناجي علي امهز