اخبار ومتفرقات

يجب على الطائفة الشيعية لجم أبواقها عن الرئيس عون: قراءة في مستقبل لبنان على حافة الهاوية

أكتب اليوم ولبنان يقف عند أخطر مفترق طرق في تاريخه. لم يعد هناك منطقة رمادية بين خيار الدولة وخيار الفوضى الشاملة. وفي قلب هذه العاصفة، تأتي تصريحات فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كصوت للعقلانية والصدق، ليضع الجميع أمام حقيقة الوضع بلا تجميل. ولهذا، بات واجباً على عقلاء الطائفة الشيعية، التي قدمت وما زالت تقدم أغلى التضحيات، أن تخرس تلك الأبواق التي تتطاول على رأس الدولة، وتدفع بنا جميعاً نحو هاوية لا قرار لها.

لقد قال فخامة الرئيس الحقيقة كاملة حين نقل الموقف الأمريكي: “لم نتلقّ أي تهديد وكل ما قالته أميركا إن لم تلتزموا بالورقة فإنّ لبنان لن يعود في دائرة اهتماماتنا”. هذا ليس تهديداً، بل هو توصيف لواقع دولي بارد وحاسم. هذه الرسالة لم تكن سراً، بل سمعها الجميع، من دولة الرئيس نواف سلام إلى الرئيس بري وكل من التقاهم المبعوث الأمريكي. وكنت قد كتبت لكم في 13 حزيران 2025 أن الخطة الأمريكية واضحة: إما أن يسلم حزب الله سلاحه فتكون واشنطن قد خدمت إسرائيل دون أن تقدم للبنان شيئاً، أو يرفض، فترفع يدها عنا وتقول للعالم “حاولنا مساعدتكم لكنكم رفضتم”، وتتركنا لنغرق في الفوضى التي ستطبق نظرية كيسنجر بأن “لبنان خطأ جغرافي” يجب شطبه.

لقد تغير العالم من حولنا بشكل جذري. أحداث “طوفان الأقصى”، واغتيال السيد نصرالله، وسقوط بشار الاسد، واحتلال اسرائيل لبعض النقاط في لبنان، كلها هزات جيوسياسية كبرى أنهت حقبة بأكملها. لقد كشفت هذه الأحداث حتى غالبية الحلفاء في الداخل، مسيحيين او مسلمين، كانوا متنفعين، وعند اشتداد الازمة سارع بعضهم للتنصل من الحزب في محاولة بائسة لإنقاذ نفسه.

اليوم، نحن أمام خيارين لا ثالث لهما. الأول، هو خيار رفض ما تقترحه الدولة ولا يوجد امامها حل اخر، والذهاب بالتهجم ورفض الحلول وان كانت لا ترضي الشيعة بالكامل، ونتائج هذا الطريق واضحة وستكون كارثية بكل المقاييس. ستجد إسرائيل الذريعة الذهبية لتوجيه ضربات قاصمة، وحتماً ستقوم مقاومة، لكن بثمن من الدماء والدمار يفوق كل تخيل. داخلياً، ستتحرك الفصائل السورية المتشددة والعشائر من الشمال والبقاع، لتدخل البلاد في أتون حرب أهلية طائفية، وقد نشهد تحقيق ما سربته القنوات الإسرائيلية وأشار إليه المبعوث الأمريكي عن عودة طرابلس إلى “بلاد الشام”.

أما على الصعيد الشيعي، فستكون الطائفة هي الضحية الأكبر. سيتم عزلها جغرافياً وسياسياً، وستُحاصر الضاحية وتُفصل عن خزانها البقاعي الذي سيتحول إلى ساحة استنزاف بين غارات الطائرات والمسيرات الإسرائيلية وهجمات الجماعات السورية. وأي حديث عن رد إيراني أو عراقي هو غير دقيق لان لعبة الأمم لا تدار بهذه الطريقة. 

سيقاتل الشيعة ببسالة، نعم، لكنهم في النهاية سيخسرون كل شيء، وسيتحولون إلى طائفة منبوذة بلا هوية أو مستقبل، وسيكون مصيرهم أشد قسوة مما جرى في غزة أو في الساحل السوري.

الخيار الثاني، وهو خيار العقل، هو الانحناء للعاصفة والقبول بمنطق الدولة التي الطائفة جزء منها، ومحاولة تحصيل ما يمكن من ضمانات. هذا الخيار صعب ومؤلم، وبه تضحيات ومحاسبة للبعض، لكنه الوحيد الذي يضمن البقاء. القبول به يعني بسط سيادة الجيش والقانون، ومنع الفوضى والحروب الطائفية، واستعادة لبنان امام الدول، وفتح الباب أمام المساعدات التي، وإن كانت قليلة، تبقى أفضل من الخراب الكامل. 

في الختام، أقول إن المعركة اليوم هي معركة وجود لبنان، وليست معركة طائفة. الرئيس عون يحاول أن يعبر بنا هذه الأمواج العاتية بمسؤولية. أما الأبواق التي تهاجمه بشعارات فارغة، فهي لا تخدم إلا مشروع دمارنا. دعوتي ليست للاستسلام، بل للتمسك بالبقاء عبر العقلانية. على الطائفة الشيعية أن تتحمل مسؤولية قراراتها، وأن تفعل دور نخبها وعقولها، فالولاء وحده لم يعد يكفي. على المتمولين الشيعة أن يدعموا حراكاً سياسياً جديداً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. حان وقت الصمت، وترك القيادات الحكيمة تدير هذه المرحلة للخروج من هذا المستنقع الذي نغرق فيه جميعاً.

كما ان الطائفة الشيعية خسرت العالم العربي وهي بعداوة مع الغرب، وايضا بدات تدخل بعداء مع الداخل اللبناني، وكل ذلك بسبب هذه الابواق والاعلام المترزق، كما ان التهديد والوعيد لا يفيد، فلو كان يفيد كما قال احد كبار الابواق بانهم كانوا يرفعون السقف لمنع الحرب الاسرائيلية، فالدول لا تنتظر بوق من هنا او هناك لتأخذ قرارها.

واليوم لا يجب ان تخسر الطائفة الشيعية رئيس الجمهورية بل ان تكون حصته، كما خسرنا الداخل والاقليمي، بسبب بعض الابواق التي ترزقت وركبت السيارات وسكنت البيوت الفخمة على حساب الشيعة واليوم لا تساوي اصواتها “فرنك مصدي”.

دعونا نحاول بالسياسة قدر المستطاع حتى ينقطع النفس بالبحث عن الحلول وان كان بحدها الادنى. ونفعل النخب ربما يحصل امر معين او حتى يكون هناك تدوير للزوايا.

علينا المحاولة اقله قبل القرارالاخير، بالختام لاحقين على الحرب وخراب البصرة.

لكن اقله علينا ان نظهر مظلوميتنا بدل التهديد والوعيد والفوقية والتحريض.

في السلم قد نجد من يتواصل مع الطائفة، اما في الحرب فالامر مختلف كليا، سنكون بعزلة تامة.

وربما تمنع الدول وصول الطائرات المدنية او حتى السفن ونصبح كغزة ننتظر العالم ان يرمينا بالمواد الغذائية والادوية.

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

زر الذهاب إلى الأعلى