اخبار ومتفرقات

القادة اللبنانيون يستحضرون فكر الإمام المغيّب السيد موسى الصدر كخشبة خلاص لإنقاذ لبنان في هذا الظرف المصيري

الإمام الصدر حاضر في ذكرى غيابه: دعوات للوحدة والمقاومة وبناء الدولة المدنية

بيروت، لبنان في الذكرى السابعة والأربعين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، تتجدد الدعوات على المستويين الرسمي والشعبي للتمسك بإرثه الفكري الذي يؤكد على لبنان كوطن نهائي لجميع أبنائه، وينادي بالوحدة الوطنية، مقاومة الاحتلال، وبناء دولة مدنية قوية وعادلة. كلمات المسؤولين والسياسيين ورجال الدين والشخصيات المدنية هذا العام عكست إجماعًا على أهمية استلهام مبادئ الصدر لمواجهة التحديات الراهنة التي يمر بها لبنان.

لبنان وطن نهائي: دعوة للعدالة والعيش المشترك

لطالما أكد الإمام الصدر على أن لبنان هو وطن نهائي لجميع أبنائه، داعيًا إلى دولة مدنية تقوم على المساواة والعيش المشترك. هذا المفهوم يتصدر كلمات المسؤولين في ذكرى غيابه. رئيس الحكومة نواف سلام صرح بأن “الإمام آمن بلبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه وجعل من الدين رسالة للعدالة والوحدة لا للفرقة والانقسام، ودعا إلى صون العيش المشترك ونبذ الفتن.” هذا التأكيد يعكس جوهر فكر الصدر الذي سعى لتجاوز الانقسامات الطائفية وتعزيز اللحمة الوطنية.

المقاومة والدفاع عن السيادة: موقف حازم ضد الاحتلال

كان الإمام الصدر من أبرز الداعين إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن الجنوب اللبناني. عبارته الشهيرة “إذا فعلتها إسرائيل ودخلت إلى لبنان سأخلع ردائي وسأتحول إلى رجل فدائي” تلخص موقفه الحازم. المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أكد أن “الإمام السيد موسى الصدر لم يطفئ نار الحرب الأهلية والوحشية الإسرائيلية بكفيه أحد كما فعل، وكان همه لبنان وسيادته وشراكته الإسلامية المسيحية وعيشه المشترك”. هذا الجانب من فكره يظل مصدر إلهام لصلابة المقاومة والدفاع عن السيادة الوطنية.

تجديد الالتزام بإرث الصدر: كلمات الرؤساء والسياسيين

رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة:
الرئيس عون وصف الإمام الصدر بأنه “ليس مجرد رجل دين بل كان رمزاً للوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية ومنارة للحوار بين الأديان والطوائف”، مؤكداً على “التزامنا الثابت بمتابعة قضية تغييبه على جميع المستويات وعدم التفريط بحق لبنان في معرفة الحقيقة كاملة”. كما دعا إلى “السير على نهجه في بناء لبنان العادل والموحد”. من جانبه، ربط رئيس الحكومة نواف سلام إرث الصدر بتحقيق العدالة والوحدة ونبذ الفرقة، ما يتوافق مع الدور المفصلي للإمام.

رئاسة مجلس النواب وحركة أمل:
كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري، زعيم حركة أمل، كانت الحدث الأبرز، حيث أكد على التمسك بقضية الإمام ورفيقيه وضرورة كشف مصيرهم. وصف بري إرث الإمام بأنه “بوابة الحلول ومفتاح الإنقاذ الوطني”، داعيًا إلى الوحدة الوطنية ونبذ الانقسامات.

وقد أيد الرئيس السابق ميشال سليمان طرح بري بشأن الحوار، باعتبار الحوار ركيزة المجتمعات التعددية، مشددًا على ضرورة التزام “الثنائي” بإعلان بعبدا، لافتًا إلى أن تحييد لبنان كان السبيل الوحيد لتجنيبه تداعيات الحرب السورية وحرب الإسناد وما خلّفتاه من خسائر بشرية واقتصادية وسياسية وعربية..

كلمة سماحة الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، وكانت قبل ايام من الذكرى، أكد على أن الإمام الصدر “أحدث تحولاً جذرياً في وضع لبنان والمنطقة”، وشدد على أنه “إمام المقاومين الذي دعا لمواجهة المحتل بالأيدي والأظافر إذا لم يتوافر السلاح، وأنه كان حريصاً على الوحدة الوطنية”.

موقف الأحزاب ورجال الدين والشخصيات الرسمية:
تشارك العديد من الأحزاب اللبنانية، بما فيها التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب، في إحياء الذكرى، مؤكدة على الجوانب الوطنية والإصلاحية في فكر الصدر. الحزب التقدمي الاشتراكي شدد على “حق لبنان واللبنانيين بمعرفة حقيقة تغييبه، ويدعو إلى الالتزام بنهجه الحواري”. من جانبه، دعا عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب، مارون عساف، إلى “عودة الممسكين بالقرار الشيعي إلى لبننة خياراتهم والعودة إلى نهج ورؤية الإمام المغيّب”.

كما كانت  كلمة العلامة سماحة الشيخ علي الخطيب نائب الرئيس للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الذي اسسه الامام المغيب السيد موسى الصدر،  وهي ملخصة بالنقاط الرئيسية التالية في الذكرى الـ 47 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه:

  • استمرار جريمة التغييب: مرور 47 عامًا على تغييب الإمام الصدر ورفيقيه، وما زال المسؤولون يرفضون التعاون مع القضاء اللبناني، مما يشير إلى استمرار الدوافع وراء الجريمة، والتي يراها مرتبطة بمؤامرة على لبنان والمنطقة.
  • المؤامرة الإسرائيلية: يربط الخطيب تغييب الإمام الصدر بالمخططات الإسرائيلية لتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية وعنصرية، وإنهاء القضية الفلسطينية، والسيطرة على ثروات المنطقة، من خلال إشعال الفتن الطائفية وتفكيك المجتمعات وإسقاط الرموز الوطنية.
  • المقاومة ونجاحاتها: رغم تغييب الإمام الصدر، بقي تأثيره حيًا في قيادة مواجهة المؤامرة، من خلال الوعي الذي زرعه في الأجيال المتعاقبة. نمت المقاومة ثقافيًا وعسكريًا، خاصة بعد الثورة الإسلامية في إيران، وحققت انتصارات كبيرة مثل انسحاب العدو من لبنان عام 2000 وهزيمته في 2006.
  • مواجهة الفتنة: يحاول العدو (الغرب) إحباط إنجازات المقاومة عبر إثارة الفتنة القومية والطائفية. ورغم تحقيق بعض النتائج، فشل في القضاء على المقاومة التي صمدت في معاركها ودفعت أثمانًا غالية.
  • الحرب على إيران: شن العدو حربًا غادرة على إيران، متوهمًا أن إسقاطها سينهي القضية الفلسطينية، متجاهلاً أنها قضية أمة لا تنتهي. يرى الخطيب أن المقاومة ستخرج من هذه المعركة أقوى.
  • نداء للوحدة الوطنية: يدعو الخطيب الشعب اللبناني إلى رفض المنطق الانهزامي والعودة إلى منطق الإمام الصدر في وحدة الموقف والحفاظ على الوحدة الوطنية، محذرًا من خسارة الجميع في حال التفريط بها.
  • ضد الفتنة الداخلية: يذكّر بموقف الإمام الصدر ضد الحرب الأهلية ويحذر من أبواق الفتنة التي تحرض عليها من جديد بحجة السلاح، وتخدم المطالب الأمريكية الصهيونية بنزع سلاح المقاومة.
  • دعوة للحوار: يدعو الجميع للانسجام مع دعوة الرئيس نبيه بري للحوار الهادئ والتوافقي، والذي يراه الحل لصلاح لبنان واللبنانيين، ويمثل الموقف الوطني الجامع البعيد عن الحسابات الطائفية.

وقد اكدت كلمة العلامة الخطيب، أن تغييب الإمام الصدر جزء من مؤامرة أوسع تهدف إلى إضعاف الأمة وخدمة المصالح الإسرائيلية، وأن المقاومة استمرت في مواجهة هذه المخططات. ويشدد على أهمية الوحدة الوطنية والحوار كسبيل وحيد لحماية لبنان.

وكتب وزير الداخلية والبلديات احمد الحجار على منصة “أكس”: “في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، يبقى حضوره الفكري والوطني حاضراً، يضيء درب العدالة والوحدة.”

 أما الشخصيات الرسمية والمدنية، بما في ذلك ممثلو المنظمات الفلسطينية، أشادوا بالإمام لدعمه القضية الفلسطينية، معتبرين أنه “حمل قضية فلسطين في قلبه وفكره”.

كتب النائب زياد الحواط على منصة “X”: “في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه نستعيد مأساة لبنان ومحاولات الحل من خلال مسيرة رجالاته المؤمنين باللقاء مع الآخر ، والبحث الدائم عن أمان ضائع واستقرار مفقود.
مشكلة لبنان هي هي منذ عقود:
كيف السبيل لبناء دولة قادرة تحمي لبنان واللبنانيين. نستعيد مسيرة الإمام الصدر في انفتاحه على الشركاء في الوطن ودعوته الدائمة إلى الوحدة والوفاق تحت سقف الدستور والقانون”.

كتب ناجي علي امهز كلمة استحضرت فكر الإمام المغيّب، ذلك الفكر الذي تحوّل إلى ركيزة لإنقاذ لبنان من الانهيار الذي يعيشه اليوم. فالإمام لم ينظر إلى لبنان الرسالة كمرحلة تاريخية عابرة، بل كحقيقة وجودية، إذ أدرك باكراً أن الخطر الحقيقي على هذا الوطن هو الطائفية، التي قد تطيح بالكيان اللبناني من جذوره.

ملخص الرسائل الرئيسية:

تتفق جميع الكلمات والمواقف على:

  • التمسك بالوحدة الوطنية: دعوة مستمرة لنبذ الطائفية والانقسام وتعزيز العيش المشترك.
  • مواصلة السعي لكشف المصير: تجديد المطالبة بكشف الحقيقة الكاملة حول اختفاء الإمام الصدر ورفيقيه.
  • المقاومة والدفاع عن السيادة: التأكيد على أهمية المقاومة في مواجهة الأطماع الإسرائيلية.
  • بناء الدولة العادلة: الدعوة إلى إصلاح المؤسسات وتحقيق العدالة الاجتماعية.

تأثير فكر الإمام الصدر:

لقد تجاوز الإمام موسى الصدر دوره كزعيم طائفي ليصبح رمزًا وطنيًا يجمع اللبنانيين. يتجلى قوة إرثه في قدرته على توحيد الخطاب السياسي والديني في ذكرى غيابه، حيث يتفق الجميع على أهمية استعادة قيم الحوار والوحدة في مواجهة التحديات الراهنة.
تظهر الرسوم البيانية أن هناك توافقاً كبيراً بين مواقف السياسيين وتطلعات الشعب حول أهمية الوحدة الوطنية ومقاومة الاحتلال والحوار، بينما تبرز تطلعات الشعب بشكل أقوى في جانب العدالة الاجتماعية وبناء الدولة المدنية، مما يشير إلى أن هذه القضايا لا تزال بحاجة إلى مزيد من العمل والالتزام من قبل الفاعلين السياسيين.

زر الذهاب إلى الأعلى