اخبار ومتفرقات

كان الموت أجمل.

كان الموت أجمل بين أناس نحبّهم على سرير بسيط وعلى شرشف ابيض غسلته الأم بدمع العين.
كانت الأكتاف أوسع تحمل عالماً اكبر وابعد بكثير من نعش خشبي اثخنته الشقوق وجعاً ولوعة فراق نهائي.
كانت صيحات وعويل النساء الباكيات المتشحات بالسواد تضفي على مشهد الوداع ابعادا حزينة تحفر الذاكرة بقوة و تنعش العاطفة والمودّة بين من بقيوا أحياء.
كان التعبير عن ألام النفس المطمئنة الباقية اكثر شفافية وصراحة و وضوحاً وحُسن استخدام لعبارات ذات الحان تهزّ الروح لا الجسد.
كان الحداء قصيدة رثاء تُغنّى بسلاسة بلا سيناريو وإخراج ومحطات اذاعة .
كان الوداع ارقى،ترتيل قرآن اعلى،هيبة صوت يصدح ليعلو وليهبط جرحاً عميقاً في القلب.
كان الدفن طقساً منظماً بعناية إنما بعفوية والأحلى انّه كان مجاناً يشترك فيه الجميع بلطف و بمواساة صادقة.
كان الحجر يشارك المشيعين بكاؤهم.
كان لموتنا سكوناً متفقا عليه بين البيوت والحارات ،تمتنع فيه الصبايا عن التبرّج وتختفي آلات الموسيقى مؤقتاً في زوايا الغرفة.
كان البعض حتى لا يتناول اللحم والحلويات.
تؤجل الاعراس.
كان الوداع مناسبة للقاء الأقارب والأحباب والاصدقاء والاعداء وحتى من ليس له اية علاقة بالمرحوم حتى لو كان عابر سبيل.
كان الموت في الديار أجمل.
كان الموت يستحق الرحيل والتجربة والسفر.
كان للرصاص لعلعة انين مختلف.

د.احمد عياش

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

 

زر الذهاب إلى الأعلى