
توجَّه العلّامة السيّد علي فضل الله بالتهنئة والتبريك إلى المسلمين بخاصة واللبنانيين بعامة، بذكرى ولادة رسول الله محمد (ص)، هذه الذكرى التي تملأ قلوبنا غبطةً وفرحاً، وتمنح نفوسنا أملاً بمستقبلٍ مشرق صنعه هذا الرسول الكريم. فهذه المناسبة ليست حدثاً مضى نُحييه بالاستذكار، بل هي حضورٌ دائم لا يغيب، يتجلى في أذاننا وصلواتنا، وفي شهادتنا لله بالعبودية ولرسوله بالنبوة والرسالة، وفي تلاوتنا لكتاب الله واستحضارنا لقيم العزة والحرية والكرامة التي دعا إليها وعمل على ترسيخها في حياتنا.
وأشار سماحته إلى أنّ استحضار هذه الذكرى يحمّلنا مسؤوليةً كبيرة تجاه هذا النبي (ص)، الذي بذل كل جهده وضحّى بنفسه ليبلّغنا رسالة الله، الرسالة التي صنعت أعظم الحضارات، والتي إن فرّطنا بها عدنا إلى هامش التاريخ، كما هو حالنا اليوم.
وأضاف: إنّنا عندما نحتفل بولادة رسول الله (ص)، فإننا لا نراها مجرّد ذكرى لشخصه، بل نراها ولادةً للإسلام، إذ لم تبدأ معالم هذا الدين ببعثته فحسب، بل بولادته، حيث تجسّدت أسمى قيمه وأحلى صوره في شخصه المبارك.
وتابع: إنّ الدعوة إلى الوحدة الإسلامية لا تعني التخلّي عن المذاهب أو القناعات، بل الحفاظ عليها، مع التأكيد على مساحات اللقاء المشترك، وحمل الأهداف الكبرى التي جاء من أجلها رسول الله (ص): قيم العدل والحرية والإخاء الإنساني والوحدة الّتي لا غنى عنها، للوصول إلى العزّة والكرامة والحياة.
ولفت سماحته إلى أنّنا مدعوون في هذه الذكرى لأن نملأ قلوبنا رحمةً بالناس، ونستخدم منطق الحوار والكلمة الطيبة مع المختلفين معنا في الدين أو السياسة أو في شؤون الحياة من اجل الوصول إلى قواسم مشتركة نتوافق عليها ونحمي وحدتنا من كل من يريد ان يسقطها، فبالرحمة يتحوّل الأعداء إلى أصدقاء أو نخفف من عداوتهم، وبذلك نبلغ ما وعد الله به عباده الصالحين.
وختم: إنّ تجديد عهد الوفاء لرسول الله (ص) يكون بأن نجعل رسالته همّنا الدائم، نترجمها بسلوكنا لصون شعبنا وحماية وطننا، وندعو إليها بقولنا وفعلنا، ونوجّه إليه تحايانا حيث كنّا، وفاءً لمن أذاب نفسه في تبليغ رسالته، ودعا لأمّته، ونصح لأهل دعوته، وهاجر في سبيل الله لإعزاز دينه، حتى ظهر أمر الله وعلت كلمته وانتشرت رحمته في كل الأرجاء.