
قتيل لا شهيد،ربّ او آبٌ لا الله ،كلام الاسلاميين صحيح،لا بعدٌ طائفيّ في الكلام إنما في الخطاب والحديث خطأ شائع تبنّاه آخرون لغوياً إنّما لاستخدام المفردات أصول وقواعد تجاوزها الجمهور واعتمدها الكَتبة والكُتّاب بمن فيهم رجال الدين ربما عن قصد ربما لتشويه ما ربما لتقيّة ربما لاستتار بالمألوف الديني او العسكري او الثقافي.
قتيل او الفادي او بطل انما لا شهيد وليس في المعنى استخفاف ولا استهزاء ولا انكارا لبطولة ولتضحية إنما “الشهيد” لقب اسلاميّ خالص،ابتدعه الاسلام الثقافي بمعنى حصر الملكية الفكرية الثقافية للاسلاميين.
في كتابنا “الانتحار ،نماذج حيّة لمسائل لم تُحسم بعد” الصادر عن دار الفارابي سنة 2003 تناولنا الفارق بفصل مستقلّ لأهميّته الادبية وحتى الدينية وإليكم مختصراً يثبت ادعاءنا:
في لسان العرب قال ابن منظور ان الشهيد من أسماء الله الحسنى والشهيد هو الذي لا يغيب عن علمه شيئاً كما انّه يشهد على الخلق يوم القيامة.
في بحثنا لم ترد مفردة شهيد بمعنى الفداء في كل ما ورد في الجاهلية من شعر وحكايات وأمثال وحتى في الاساطير ما يعني ان الشهادة لم يكن لها معنى كظاهرة تضحية ولم تكن رمزاً يشي لأمر جلل بل وجدنا في الشعر العربي مفردات موت ومنية ونحب وهلاك وقتل ومن الأمثلة المختصرة ما جاء عن لسان امرؤ القيس:
فقلت له لا تبك عينك إنما نحاول ملكا او نموت فنعذرا.
زهير بن أبي سلمى قال:
رأيت المنايا خبط عشاء من تصب تمته ومن تخطىء يعمّر فيهرم.
النابغة الذبياني قال: فهم يتساقون المنية بينهم بأيديهم بيض رقاق المضارب كا قال “فلا يهنىء الأعداء مصرع ملكهم وما عتقت منهم تميم و وائل”. قال طرفة بن العبد :
لعمرك ان الموت ما أخطأ الفتى كذلك الشاعر الصعلوك الشنفري قال:
اذا ما اتتني ميتتي لم ابالها كذلك صديقه في الصعلكة تأبط شرّاً قد رثاه:
قبض نحبه مستكثراً من جميله.
مما سبق يتضح ان الشهادة والشهيد والاستشهاد مفردات عربية مؤكدة إنما اسلامية كمصطلحات ترمز للتضحية وللفداء من أجل عقيدة وربّ.
واكثر تحديدا لم ترد تلك المفردات العربية كمصطلحات ترمز لظاهرة الفداء حتى في الآيات القرآنية واختصارا نورد الايات:
“…ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياءٌ عند ربّهم يرزقون…” و” …ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله امواتنا بل أحياء ولكن لا تشعرون ..” و”…يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقاً..” و”… من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر…” ما يعني ان الآيات القرآنية استمرت بذكر المفردات العربية كما هو متفق عليها في الحقبة المسمّاة” الجاهلية” ولم يتم حذفها او طرح مفردات حديثة كشهادة وشهيد واستشهاد.
مع النبي محمد(ص) بدأ التداول بتلك المفردات كمصطلحات لنيل لقب شهيد ولتفسير ظاهرة الشهادة ولنكون موضوعيين واكثر دقّة فإن تلك المفردات هي محمدية لا قرآنية،قال :
“الشهيد مَن قتل في سبيل الله ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد والغريق شهيد وصاحب الهدم شهيد” و” ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون اهله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد”
وقد.صنّف الرسول الشهداء:
“الشهداء أربعة رجل مؤمن جيّد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك الذي يرفع الناس اليه أعينهم يوم القيامة هكذا-(رفع رأسه حتى وقعت قلنسوته)- و رجل مؤمن جيد الايمان لقي العدو فكأنما ضرب جلده بشوك طلح من الجبن اتاه سهم غرب فقتله فهو في الدرجة الثانية و رجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئاً لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الثالثة و رجل مؤمن اسرف على نفسه لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الرابعة” كما أشار الرسول ان للشهيد.حقوق ستة :
“…يغفر له في اول دفعة،يرى مقعده من الجنة،يأمن الفزع الاكبر،يجار من عذاب القبر،يزوّج اثنتين وسبعين من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه..”
الله رب المسلمين فقط.
ومع النبي محمد دخلت المصطلحات شهيد وشهادة واستشهاد الشعر والثقافة الاسلاميةفها حسان بن ثابت يقول:
ومنّا قتيل الشعب اوس بن ثابت شهيداً واسنى الذكر منه المشاهد
ومن جدّه الادنى أبي وابن أمّه،ذاك الشهيد المجاهد.
لذلك لا عتب ولا ملامة إذ لا يجوز إلقاء لقب شهيد كيفما كان واتفق على كل من يفتدي نفسه ولو كان عملا بطوليا لا جدالا فيه إذ للتسمية شروطها المحددة اسلاميا واللقب محمدي بامتياز وعدا ذلك أخطاء شائعة وهذا حقّ وجب عدم التذمّر منه إذ للحصول على لقب دكتور تطلب الجامعة اثبات النجاح في المرحلة الثانوية ثم تطلب الليسانس وثم الماجستير ثم تشترط ما تريده للحصول على لقب دكتوراه وهكذا لقب شهيد فللشهادة شروطها لنيل اللقب من الجامعة الإسلامية الغيبية الإلهية.
ليعذرنا من يطلقون على قتلاهم وموتاهم القاب شهادة فإنهم ليسوا شهداء وما ورد.في بعض الترجمات عن كتابات قديمة غير دقيقة فأل مارتير martyre لا تترجم شهيد ربما المضحي او ألفادي اصحّ…وهكذا للغات الأخرى.
اما ما خص الآب او الرب او الاب والابن والروح القدس وئيل وديوس وبوغ فليسوا ابدا تسميات رديفة ل “الله” ولهذا مقال آخر .
من هنا ومن تحت شجرة رمان محررة في بلدة حاروف وجالسا على تنكة صدئة ومطعوجة ومحروقة أعلن ان الشهادة والشهيد والاستشهاد مصطلحات محمدية اسلامية خالصة لا يجوز استخدامها من الآخرين احتراما للملكية الفكرية.
يتبع
اقول كلامي هذا واستغفر الله لي ولكم.
والله اعلم.
د.احمد عياش
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.