اقلامالسياسية

“من كربلاء إلى حاضرنا: دروس الثبات والنهضة” بقلم العبد الشيخ نبيل أمهز.

بسم الله الرحمٰن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على النور الأتم محمد وآل محمد .
“إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”
الموضوع : ما وراء الكلام
التاريخ يصنع الحاضر ، والخطاب الصادق يبني القلوب ، والحقيقة لا يمكن أن تختفي بالرغم من جولة الباطل .
علينا أن نتذكّر اليوم ودائما في خضم هذا العالم المتسارع والمتغيّر ، أن الحاضر الذي نعيشه ليس حدثاً عشوائياً ، ولا هو مجرد لحظة عابرة ، بل هو نتاج التاريخ الذي صنعه الإنسان ، وحيّز من أحداثه وقراراته ومواقفه. والتاريخ حين نقرأه بوعي ، يكشف لنا أكثر من مجرد وقائع ؛ فهو مرآة تعكس لنا الدروس والعبر ، ومن أعظم تلك الدروس ، المظلومية التي عاشها الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في مواجهة الظلم والطغيان ، والتي تركت أثرها الباقي عبر القرون .
إن هذه المظلومية ليست مجرد حدث بعيد ، بل هي نموذج حي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والألم يصنع المعجزات ، فالزهد في الدنيا ، والإخلاص في الدفاع عن الحق ومهما كانت التحديات ، فهي تعلمنا أن المبادئ والقيم لا تُقاس بالقوة المادية أو بالأعداد والكثرة بل بالإيمان الصادق والعزيمة الراسخة ، وبأن كل إنسان قادر على أن يكون قوة فاعلة في المجتمع إذا كان قلبه مخلصاً وعقيدته ثابتة.
في عالم اليوم ، حيث التكنولوجيا تتسارع، ووسائل الاتصال والابتكار تتطور بسرعة غير مسبوقة ، قد يبدو للبعض أن القوة الفعلية هي في امتلاك الأجهزة والأنظمة المتقدمة ، لكن الواقع يثبت أن الصدق في القلب والثبات على المبادئ ، وفهم الإنسان لأدوات العصر ، هي التي تصنع الفرق الحقيقي . فالتكنولوجيا وحدها لا تنقذ أمة، بل الإنسان الملتزم بالقيم هو من يوجّهها نحو البناء والنهضة.
لقد شهد التاريخ أمماً قامت على تقدم تكنولوجي بحسب زمانها ، لكنها سقطت حين فقدت قيمها أو رجالها المخلصين ، بينما أمم أخرى، بسيطة في أدواتها ، قوية في مواقفها، ووفية لمبادئها ، صنعت التاريخ وخلّدت أسمائها ، وهذه الحقيقة تذكّرنا اليوم أن الأمة التي تملك الثبات العقائدي والوعي بالقيم الأخلاقية ، هي التي تستطيع استخدام كل تطور وتكنولوجيا لصالحها ، ولا تهوى الانجراف وراء التقدم وحده .
إننا اليوم أمام تحدٍ مزدوج : تحدي العصر المادي ، وتحدي الحفاظ على القيم والهوية. فمن يملك قلباً صادقاً وعقيدة ثابتة ، ويتعلم كيف يستخدم التكنولوجيا ويستفيد من التطورات ، هو الذي يحقّق التغيير الحقيقي بسرعة ، ويترك أثره في الحاضر والتاريخ كما تركه الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه.
وبذلك، يصبح درس التاريخ اليوم رسالة عملية لكل جيل إن البناء الحقيقي للأمة لا يكون بالقوة المادية وحدها ، بل بمزيج من المبادئ الراسخة ، والرجال المخلصين ، والوعي التكنولوجي ، والقدرة على توظيف العصر في خدمة الإنسان والمجتمع . هذه هي الركائز التي تمهّد لدولة الحق والعدل ، دولة تُبنى على الثبات ، لا على اللحظات العابرة ، دولة تضمن أن يبقى صوت الحق خالداً في كل زمان ومكان .
إن فهم هذا السياق يجعلنا ندرك أن رسالتنا اليوم ليست فقط متابعة التطورات والتقنيات، بل أن نزرع القيم في أنفسنا وفي مجتمعاتنا، ونصنع أجيالاً قادرة على الجمع بين القلب الثابت ، والفكر الواعي ، والعمل المخلص، لنواصل مسيرة التاريخ التي بدأت بمظلومية الإمام الحسين عليه السلام ،ونحقق النهوض الحقيقي للأمة في هذا العصر .
فالصرخة الحسينية : مثلي لا يبايع مثله .
وهيهات منا الذلة .
لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل .
شاء الله أن يراني قتيلا .
وغيرها وغيرها ….
أقوى من كل تكنولوجيا العالم فآلة الإنسانية تبقى هي المحور لكل ألات الإنسانية ، والله تعالى بالمدد الغيبي يصنع ما لا يصنعه كل العالم مجتمعا على الظلم . إنها الحقيقة عزيزي لمن عرفها ووثِق بها .
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
🌴 العبد الشيخ نبيل أمهز [ ١٥٥]

زر الذهاب إلى الأعلى