اخبار ومتفرقات

بين ثِقَل الكلام وخِفّة الفعل… خطوة شجاعة تكسر الجمود

المشكلة العضوية في ثقافتنا أننا كثيرو الكلام، قليلـو الأفعال. نغرق في الحماسة لحظة الحدث، نُطلق الوعود والأمنيات وكأننا نملك مفاتيح التغيير، لكن ما إن يحين وقت التنفيذ، تتبخر تلك الوعود كالدخان. كل واحد يتهرّب بحجة: “ما رح توقف عليّ”، منتظرًا أن يقوم الآخر بالمهمة. وهكذا يتكرر المشهد في السياسة، في المجتمع، وحتى في حياتنا اليومية.

هذه الخفة في الالتزام جعلتنا شعبًا يبرع في الخطابة والجدال، لكنه يفشل في الثبات على موقف واحد أو الإصرار على تحقيق هدف حتى النهاية. السبب الأعمق يكمن في غياب وضوح الرؤية وفي ارتباك سلّم أولوياتنا: نهتم بعشرات الأمور في وقت واحد، لكننا لا نصر على إنجاز أي منها.

وهنا تكمن المفارقة المرّة: نحن شعب مليء بالطاقة والإبداع والقدرة على التغيير، لكن هذه الطاقة تُستهلك في الكلام بدل أن تُترجم إلى فعل. لهذا نبقى مشرذمين، متأرجحين بين ردود الفعل لا بين المبادرات.

أما أنا، فمشكلتي أنني لا أستطيع أن أستسلم لهذا النمط؛ يكفيني أن أجد شخصًا واحدًا مؤمنًا بالفعل لأكمل الطريق معه. لأن التغيير لا يحتاج دائمًا إلى جموع ضخمة، بل إلى قلة صامدة تعرف ماذا تريد وتصرّ عليه حتى النهاية.

ويبقى الأمل معقودًا على جيلٍ جديد يضع الكلمة في خدمة الفعل، ويعيد ترتيب سلّم الأولويات بوعيٍ ومسؤولية. جيلٌ يثبت أن الإرادة الفردية قادرة على كسر الجمود الجماعي، وأن بداية الطريق لا تحتاج إلا إلى خطوة واحدة شجاعة، تفتح الأفق لباقي الخطوات.

شكر وامتنان كبير لكل الصديقات والأصدقاء الذين شاركوني توقيع كتابي “نور في الظل”. وجودكم أضاف نورًا حقيقيًا في زمن يسوده التعتيم الممنهج على كلمة الحق.

كما أشكر من حضر/ت من دون تأكيد، وأقدّر صدقه وعفويته، وأتفهم في الوقت نفسه غياب من أكّد مشاركته ثم حالت الظروف دون حضوره. لكل واحد/ة منكم مكانه الخاص في قلبي وفي هذه المسيرة.

خلود وتار قاسم 

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.

زر الذهاب إلى الأعلى