
إلى أولادي وإخوتي، إلى أصدقائي، وإلى كل أبناء وطني، إلى كل روح وُلدت لتقاوم قسوة العالم: استمعوا جيدًا، فهذه ليست مجرد كلمات، بل هي صرخة قلب يرفض الانكسار ويأبى الذبول!
يا أولادي، أكتب إليكم لأخبركم أن حبي لكم لا حدّ له.
يا إخوتي، أتذكر معكم تلك الأيام التي كان الرعد يرعبنا والصقيع يجمعنا، والحزن يسكن أرواحنا ونحن نشاهد الأطفال يلهون مع أهلهم، ونحن أيتام.
لكن لكي تتذوقوا طعم الإنجاز الحقيقي، ذلك الطعم المُرّ الذي يصقل الروح ويُلهب الفؤاد، يجب أن تدركوا حقيقة واحدة: لن تشعروا بالاحترام لذواتكم حقًا إلا بعد أن تخوضوا غمار الموت الرمزي، وتواجهوا الخذلان واليأس، ثم تكملوا طريقكم حتى النهاية. لا شيء عظيم يُنجز بلا دموع، بلا نضال عنيد، بلا ألم يجلد الجسد والروح.
ستسيل الدموع كأنهار متدفقة، وسيصبح النضال رفيقكم الأبدي، وسيغرز الألم أنيابه في أعماقكم… في صميم أرواحكم. ومع كل ذلك، قفوا بشموخ، قاتلوا بضراوة، واستمروا مهما انهارت الآمال وخذلتكم الأقربون. حينها، ستنهار الجبال أمامكم، وتنحني الصعاب لطموحكم!
سيأتي وقت، لحظة مظلمة، حيث تشعرون بالذبول، بالفراغ، وباليأس يضغط على قلوبكم كصخرة هائلة. كل بطل عظيم، كل منتصر، كل جندي شجاع، وكل روح عظيمة، شعرت بذلك، وتمنت الاستسلام ولو للحظة عابرة. إنها الاختبار الأعظم للروح، لحظة الانكسار التي تُميز الأقوياء عن الضعفاء، والصامدين عن المتراجعين.
ولكن إليكم الحقيقة المطلقة: لا تتخلوا عن أحلامكم مهما بدت الجبال مستحيلة التسلق، ومهما قالت الأقدار إن الطريق مغلق بلا رجعة. المال، الدعم، العائلة، الخلفية الاجتماعية، الأصدقاء… كل ذلك ليس إلا أعذارًا واهية يتعلل بها من استسلموا لأوهامهم. أنتم لا تنتمون إليهم، ولن تفعلوا ذلك أبدًا! الاستسلام هو موت الروح الحقيقي، والفشل الحقيقي ليس في السقوط، بل في التوقف عن المحاولة والنهوض من جديد.
قد يستغرق الأمر وقتًا أطول مما تتوقعون، وقد تضطرون لخوض دروب التعلم بلا كلل، وقد تتقدمون أبطأ من غيركم، وقد تبدو الموارد شحيحة وقليلة… لكن هذه ليست أعذارًا، بل هي اختبارات قاسية تصنع الأبطال الحقيقيين، وتصقل الرجال، وتجعل من قلوبكم حصنًا من حديد لا ينكسر. لا تستسلموا أبدًا، لا تستسلموا!
أنتم تحدثون فرقًا… أنتم تصنعون تغييرًا! مهما كان حجم تعبكم مرهقا، ومهما كثرت أخطاؤكم، فإن وجودكم هو النقطة الفاصلة التي تتوقف عندها عجلة وجودكم، وربما عجلة العالم من حولكم، أو تنطلق من جديد بقوة. حتمًا هناك أشياء عظيمة ستفقدها الحياة إذا غبتم، وهناك كنوز لا تُقدر بثمن ستختفي بلا فعلكم. أنتم الفرق بين الهزيمة والانتصار، بين الفراغ والعظمة، بين النسيان والخلود!
“بالرغم من أنني عشت يتيمًا ووحيدًا، فلم تكن أمي توقظني في الصباح أو تفتح لي الباب لأجد طعام الغداء، ولا حتى أبي ليربت على كتفي ويقول “أنا معك”. ومع كل هذا، كنت دائمًا أصوب نحو النجوم. وإن فشلت في الوصول إليها، كنت أدرك أن عدم الحلم أو عدم المحاولة أبدًا هو موتٌ فوق موت ظلم الحياة. نعم، أفضل أن أسعى وراء حلم مستحيل، وأفشل في تحقيقه، على أن لا أحاول أبدًا؛ لأن المحاولة وحدها انتصار، والاستسلام موت بطيء للروح، وجريمة لا تغتفر ضد ذاتك!”
أولادي، إخوتي، أيها الأبطال، استيقظوا! قفوا بشموخ، احملوا دروعكم، واجهوا العالم كأنه خصم هائل أمامكم في معركة الحياة الكبرى. فكل يوم جديد هو ساحة معركة تنتظر فرسانها، وكل خطوة نحو حلمكم هي نصر يُسجل لكم، وكل دمعة تسيل هي شهادة على قوتكم الخارقة. كونوا أساطير حياتكم الخالدة، اجعلوا أرواحكم نارًا لا تنطفئ أبدًا، واسمكم محفورًا بذهب في سجل الذين رفضوا الاستسلام!
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.