
«دعموش: المقاومة تعافت… والسلاح باقٌ دفاعاً عن الوجود»
بيروت —
شدّد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، الشيخ علي دعموش، خلال كلمته في مجمع سيد الشهداء عشية الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الأمينين العامين، على أن الحزب «تعافى» ويستعد لمواجهة تحديات قادمة، مؤكداً أن المقاومة «لن تسلّم سلاحها».
في تصريحٍ اختصر موقفاً سياسياً واستراتيجيّاً واضحاً، قال دعموش إن المقاومة تتجنب «الحديث عن قدراتها وإمكاناتها في الإعلام ليبقى الغموض قائماً لدى العدو»، وأضاف: «نتعافى ونزداد قوّة وجهوزيّة واستعداداً لمواجهة التحديات». وفي إشارة إلى الخسائر والتضحيات، أشار إلى أن المقاومة ما زالت «في سياقها الطبيعي ووضعها الثابت، رغم الخسارة الكبرى والتضحيات التي قدّمها أهلنا».
وقال دعموش إن هدف العدو خلال 66 يوماً كان «سحق المقاومة والقضاء عليها»، لكنه فشل أمام «الملاحم البطولية التي سطرها مجاهدونا»، مؤكداً أن مَن راهن على أن قتل القيادات سيكسر الإرادة «واهم وواهم».
عن السلاح والدولة: موقف حاسم وغير قابل للتفريط
في الملف الشائك المتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، كرّر دعموش الموقف الذي أعلنه الحزب «بصلابة وحسم» بعدم تسليم السلاح مشدّداً: «من يواجهنا سنخوض معه معركة كربلائية». واعتبر أن هذه المواقف «أربكت الأعداء وجمَّدت اندفاعهم». وأضاف أن المقاومة لن تقبل «أن تُنزع منا قوتنا وأهم عناصر الدفاع عن وجودنا ووجود لبنان خدمةً لأميركا وإسرائيل»، وأن أي محاولة لجعل الجيش أداةً لمواجهة المقاومة يجب «إحباطها وإفشالها» باعتبارها «مسؤولية كل اللبنانيين».
عن اتفاق وقف النار: تلازم الضامن والضائع
انتقد دعموش دور الولايات المتحدة كراعٍ لاتفاق وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن واشنطن «لا تريد رعاية هذا الاتفاق ولا تضغط على إسرائيل»، وهو وصف يركّز على مفارقة الضمان الدولي مقابل غياب الإرادة الفعلية لتنفيذ بنود الاتفاق.
قراءة تحليلية — ما وراء الكلمات
سياسياً، تأتي كلمات دعموش لتؤكد موقف حزب الله من معادلة القوة: السلاح ليس مجرد أداة عسكرية بل رمز سيادة وقوة ردع وشرط لاستمرارية موقعه كقوة فاعلة داخل المؤسسة السياسية اللبنانية وخارجها. نفس العبارة عن «الغموض لإرباك العدو» تكشف عن استراتيجية استباقية في حرب الرموز والمعلومات — الحفاظ على القدرات كمورد للردع مع إدارة خطاب لا يُظهِر كافة الأوراق.
اجتماعياً ونفسياً، الخطاب يستثمر الحزن والحداد ليعيد إنتاج حسّ المقاومة والكرامة: تذكير بالخسارة الكبرى يوازن بين الحزن والاعتزاز، ويعمل كآلية لتجديد العزيمة الجماعية وإعادة تعبئة قواعد الدعم الشعبي.
اقتصادياً واستراتيجياً، رفض تسليم السلاح يختزل خشية من إعادة لبنان إلى «زمن الضعف والوهن» الذي يفتح باب التدخلات الخارجية — مبرّر يُستخدم لتبرير تماسك سُلَّم القوة داخل الدولة، لكنه يطرح بدوره سؤالاً عن تكلفة هذا الخيار على المدى الطويل: هل يوفّر السلاح الأمن والردع بما يكفي لِتعويض الفرص الاقتصادية والسياسية المفقودة؟
أمنياً، نسمع تحوّطاً وتحصيناً: عبارة «معركة كربلائية» ليست مجرّد تهديد بل إعلان أن أي محاولة لتصفية السلاح ستُقابل بصدام ذي كلفة تاريخية وثقافية تُعاد قراءتها عبر طقوس الذاكرة الجماعية.
من يستفيد؟ وماذا نخفي وراء هذه اللغة؟
-
يستفيد الحزب من توحيد القاعدة داخلياً وإحراج خصومه السياسيين الذين قد يطالبون بتسليم السلاح.
-
يرسل رسالة إلى حلفائه وخصومه الإقليميين بأنه ما زال لاعباً قادرًا على إعادة تشكيل موازين القوة.
-
يورّث خطاباً يُعطي أولوية للأمن الجامع على حساب التسويات السياسية الداخلية — وهذا يخدم من يريدون إدامة حالة الاستقطاب.
أسئلة عكسية لإعادة التفكير
-
إذا كان السلاح هو «عنصر الدفاع عن الوجود»، فأي نوع من الوجود تُحميه هذه المقاومة؟ وجود سياسي، اجتماعي، ثقافي أم وجود يستند إلى منطق دولة مواطنة؟
-
من يدفع ثمن بقاء السلاح خارج إطار الدولة؟ وهل ثمن الاستقرار طويل الأجل أكبر أم أصغر من ثمن التضحية بالقدرة على الردع؟
-
هل الغموض الاستراتيجي نعمة أم فخّ يُبقي لبنان خارج لعبة السيادة المؤسسية؟