
وجد لذّته في اشتعال جسده،متعته في إغلاق وفتح عينيه المشتعلتين،في احساس بوله الساخن عند قضاء حاجته ،في السير كالبطة بين حقل براكين.
تمدد على سريره،احتار بجسده المتقلب بين جليد و بخار و تراب وهواء وماء، تارة الصقيع تحت غطاء يستره وتارة في حرّ يلزمه التعرّي و رمي الصوف بعيداً.
في رعشة الخلل والاضطراب يفضلّ المشي عارياً.
رفض محاولة الطبيب لإيجاد توازن مريح بين شمس الصحراء الكبرى وثلج جبال الألب.
لا يناسبه الطقس المعتدل لأدغال اعماقه المظلمة،لوحوش الرغبات،لأفاعي الشهوات،رفض سياسة الحكيم، قرر خوض غمار كل الجبهات،هو كل المعارك المنتهية و هو كل خرق لوقف إطلاق النار في الساحات.
ليس ضريراً إنما لا يرى احد وليس أصمّاً إنما ما عاد يسمع أحداً،لا حواس ناشط غير تحسس الرغبات، غير عقلنة فوضى الهلوسات.
لا شيء يحكمه غير عقلنة الأوهام.
يشتاق للنهايات في البدايات و يحنّ في النهايات للبدايات.
جمرٌ احمر تحت البشرة وجمرٌ شفّاف في القول و جمرٌ متفجّر في الحكايات.
رشق الطبيب بكوب فارغ رافضاً اغراق الناجي الوحيد من مجزرة العقول في الدم و بالماء.
لا يريد التخلي عن رجفة اشبه ما تكون برعشة قذف جسم يمارس الجنس ليهب الحياة.
مصرٌّ ان يحتفظ بآخر ما يملك من تدهور حال و علّة في الصحّة،يرفض الاعتراف والمصافحة و الصلح والاستسلام.
يعلم انها نوبة ارتفاع وانخفاض في الحرارة و اكثر من يعلم الاستفادة من عراك الألام واللذات فيه قبل أن تودعه في آخر طقوس رقص الروح لكسب طاعة الإله.
قبل ان يغمض عينيه للابد أشار بنظرة عين لتمرّد جنّ من زئبق في ميزان الحرارة تحت الابط وتحت اللسان.
سمع الجيران القريبين تلاوة القرآن،سمع البعيدين نعوة بإسمه من مئذنة الضيعة.
كان هنا لا يعجبه العجب ومات راضياً مُرضياً .
انا لله وانا اليه راجعون.
والله اعلم.
د.احمد عياش
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.