السياسيةجبيلجبيل المدينةجبيليات وكسروانيات

الوزير قماطي في مطالعة سياسية من كفرسالا جبيل: من حقنا رفض الإملاءات الأمريكية خدمةً لإسرائيل وسلاحنا ضمانة بقاء لبنان.

قماطي من جبيل: من حقنا رفض الإملاءات الأمريكية خدمةً لإسرائيل وسلاحنا ضمانة بقاء لبنان

كفرسالا – جبيل

– في كلمة سياسية ألقاها خلال لقاء حاشد، أكد نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، الوزير السابق محمود قماطي، على الحق الوطني واللبناني في رفض أي توجيهات أمريكية للحكومة اللبنانية تخدم المصالح الإسرائيلية، معتبراً ذلك “أقل الحقوق”. جاءت كلمة قماطي في الذكرى السنوية لاستشهاد محمد علي محمد رشيد، والتي أقيمت في المؤسسة الإسلامية الخيرية لأبناء جبيل وكسروان في كفرسالا – جبيل، بحضور رجال دين وفعاليات إعلامية وبلدية واختيارية.

الحضور كفرسالا، الوزير قماطي، الشهيد محمد رشيد

 

وفي مستهل حديثه، شدد قماطي على أن أجمل ما ميّز لبنان هو صيغة العيش المشترك، وأجمل ما ميّز منطقة جبيل وكسروان هو العيش الواحد بين مختلف الطوائف، حتى أضحت المنطقة رمزاً جميلاً ورائعاً لصيغة لبنان الفريدة. وأشار إلى أن هذه المنطقة، التي كانت رمزاً لهذا التعايش، كانت أيضاً رمزاً للتضحية في سبيل لبنان، حيث ارتقى من أبنائها شهداء لأنهم جزء أساسي من الوطن ولكل الوطن، من عكار في الشمال إلى الجنوب.

وأوضح أن هذه التضحيات التي تُبذل في سبيل لبنان هي لأن الوطن لا يتجزأ، مؤكداً أنه لا يجوز أن تعيش منطقةٌ ما آلامها وأوجاعها بسبب الاعتداءات الإسرائيلية وتبقى بقية أجزاء الوطن وكأن الأمر لا يعنيها. واعتبر أن الشعور بالألم الوطني هو أرقى الواجبات الوطنية، وهو التعايش الحقيقي، متسائلاً: “فما نفع أن تخبرني عن التعايش وأنت لا تعيش هذا التعايش بكل تفاصيله مع بقية أبناء وطنك؟”. وأعرب عن أسفه الشديد لوجود من يحاول اليوم تدمير هذه الصيغة والوحدة ونسف هذه الرسالة بطروحات طائفية، في زمن مفصلي يعيشه الوطن ألماً ودماراً وتهديداً وجودياً حقيقياً.

وحذر قماطي من أن زوال لبنان ليس مبالغات أو نظريات سياسية، مستشهداً بقول نتنياهو عندما تحدث عن “إسرائيل الكبرى”، وبما قاله المبعوث الأمريكي توم باراك إن لبنان يواجه تهديداً وجودياً، وإذا لم يتحرك فقد يعود إلى “بلاد الشام”. وأضاف: “حتى الكثير من الأوروبيين نسمعهم يتحدثون عن توصيات تخيّر الوطن بين الوصاية السورية والوصاية الإسرائيلية برداء أمريكي”. وتساءل أنه عندما تكون كل مطالب إسرائيل هي مطالب أمريكية، فماذا تكون الغاية وما هو الهدف؟

وأمام هذا الخطر الحقيقي الوجودي، رأى قماطي أنه لا يجوز لأي فريق سياسي أن يتماهى مع العدو، بل أن يتجاوز في تماهيه حتى يصل إلى الحقد والعداء لمكون لبناني من أجل طلب أمريكي أو إسرائيلي. وشدد على الحاجة الماسة إلى الاستقرار الوطني، منتقداً ما يقوم به البعض من أجل حسابات سياسية ضيقة، يتعلق للأسف بجزء جغرافي صغير يعتقدون أنه هو الوطن، واصفاً ذلك بأنه “ليست مشكلة سياسية عابرة بل مشكلة تكوينية لا تشبه الشعب اللبناني نفسه الذي يريد كل هذا الوطن”. وأشاد بالشعب اللبناني الذي أظهر أعظم التجليات الوطنية أثناء العدوان الإسرائيلي، وقال بصوتٍ عالٍ: “نريد أن نعيش مع بعضنا”، مذكراً بأن هذه المنطقة تحديداً، إلى جانب مناطق أخرى، عاشت أجمل اللحظات الوطنية المشرقة عندما استقبلت المهجرين اللبنانيين، وما زال التواصل قائماً بين الأهالي، معتبراً هذه هي صورة الشعب اللبناني الحقيقية.

وأكد قماطي أن السياسة هي لصون الوطن والوحدة الوطنية، وأن الاستراتيجية الدفاعية كي يبقى لبنان فاعلاً في محيطه وفي صناعة القرار العالمي، هي أن يكون قادراً على أن يقول “نعم” عندما يكون الجميع مستفيدين من قرار يدعم الصيغة الوطنية ومكانة لبنان العالمية، وأن يقول “لا” عندما تكون هذه القرارات لضرب لبنان في وحدته. وهنا عاد ليؤكد: “إن وطنيتنا اللبنانية وسيادتنا تفرضان علينا، ومن حقنا الوطني، أن نرفض أن يقول الأمريكي للحكومة اللبنانية افعلوا كذا وكذا خدمةً للإسرائيلي، فهذا أقل حقوقنا”.

وضرب مثالاً بالتجربة السورية التي تقوم دون اعتراض بتطبيق كل ما يُطلب منها أمريكياً، ومع ذلك، لم يمنع هذا الاستسلام إسرائيل من الاعتداءات اليومية على سوريا، لأنه لا توجد فيها مقاومة تجعل الإسرائيلي يخشى استسهال دخول المناطق بحرية كاملة. وخلص إلى أن سوريا التي تقدم كل شيء، لا تريدها إسرائيل، ولا حتى تراعي هيبة حكومتها أمام شعبها.

واعتبر أن المشكلة التي لا يريد البعض فهمها هي أن حدود إسرائيل وصلت إلى حدود العراق، وأن هناك تغيرات كبيرة في المنطقة تُفرض علينا، وأقلّه أن نتمسك بقوتنا لرفض هذه الخيارات التي تهدد كل الأوطان العربية وأشار إلى أنه بدأنا نسمع في العالم العربي تساؤلات “لماذا يجب تسليم السلاح؟”، خاصة بعد قصف قطر، حيث ظهر للجميع أن الأهم أمريكياً هي إسرائيل على حساب كل الأوطان العربية. وأضاف: “لذلك، نحن عندما ندافع عن لبنان، ندافع عن كل الأوطان العربية ونكون خط الدفاع الأول. لذلك، الاستراتيجية الدفاعية ضرورة في السياسة والحرب، لأنها ورقة ضغط حقيقية وقوية يمكن للجميع الاستفادة منها”.

وفيما يتعلق بسلاح المقاومة، قال قماطي: “عندما نقول ‘لن نسلم السلاح’، فإنّ هذه العبارة بالأعراف السياسية والوطنية هي أقل عبارة يمكن قولها أمام هذا التهديد الوجودي لكل لبنان”. وتساءل: “ماذا يُطلب منا أن نقول لقوى تعتدي علينا يومياً؟ أن نقول ‘سنسلم السلاح’؟ أو أن ندعو جميع الفصائل اللبنانية التي تحمل السلاح لنتوحد وتصبح هذه القوى هي الاستراتيجية الدفاعية للبنان ورفع سقف الشروط اللبنانية؟”.

وذكّر بتجربة الماضي قائلاً: “أنتم تعلمون أننا نتحدث عن ثقة وانطلاقاً من تجربة، لا كما يحاول البعض أن يتحدث بأن المقاومة لم تحمِ أو تحرر، في تزييف للتاريخ والحقيقة. عندما لم تكن المقاومة موجودة وصل الإسرائيلي إلى العاصمة اللبنانية، نحن نتحدث عن احتلال أكثر من نصف لبنان بأيام قليلة”. وأضاف أنه لا يجوز وصف المقاومة بـ”الميليشيا” وهي التي منعت إسرائيل من احتلال جنوب لبنان، متسائلاً كيف كان سيكون الحال لو لم تكن المقاومة موجودة.

كما استنكر بشدة تحميل المقاومة مسؤولية الانهيار الاقتصادي، معتبراً ذلك “عيباً وكذباً فاضحاً”، وأرجع السبب الحقيقي إلى الفساد وسرقة أموال المودعين. واتهم الذين يسعون لاستهداف المقاومة، حتى لو وصل الأمر إلى حرب أهلية، بأنهم لا يفعلون ذلك لحماية لبنان بل “لحماية الفاسدين الذين هم سبب ما حلّ في لبنان”.

ورفض قماطي تصنيف المقاومة على أنها “شيعية”، مؤكداً أنه ارتقى بين صفوفها شهداء من مختلف الطوائف من السنّة والمسيحيين، ومن أحزاب مثل الحزب السوري القومي الاجتماعي والجماعة الإسلامية. وأكد أن “العداء لإسرائيل ليس فقط شيعياً، بل هو في صميم كل مواطن لبناني شريف”.

وتساءل أيضاً: “هل تصدقون أن الحصار والعقوبات المفروضة على لبنان وعدم الإعمار هي بسبب سلاح حزب الله؟”، مشيراً إلى أنه بينما كان مجلس الوزراء يراجع التقارير عن كم قطعة سلاح استلمتها الدولة، كانت إسرائيل تقصف الجنوب وتقتل المواطنين الأبرياء، متسائلاً “ألا تستحق هذه الوحشية الاسرائيلية أن نوقف عدّ الأسلحة وأن نخرج لنعترض على هذا العدوان بموقف سيادي؟”.

وأكد أن حزب الله كان بنّاءً ومتعاوناً إلى أقصى الحدود، من انتخاب رئيس للجمهورية إلى رئيس للحكومة، والالتزام الكلي بوقف إطلاق النار. وبالمقابل، تساءل: “هل قامت إسرائيل بعمل واحد مما تعهدت به؟”، مشدداً على أن “إسرائيل لا تحترم أحداً ولا حتى من يتماهى معها او يحالفها ولن تقبل بأحد”.


وختم قماطي بالإشارة إلى وجود “مشروع معلن لإدخال الوطن في عصر الوصاية الأمريكية والإسرائيلية”، وأن هناك من يقبل بهذه الوصاية ويسميها سيادة، بينما يرفض الدعم الإيراني ويسميه احتلالاً. وقارن بين إيران المستعدة لتقديم كل إمكانياتها للدولة اللبنانية، وأمريكا التي تعلن أن كل أشكال الدعم متوقفة حتى تسليم السلاح، معتبراً أن أمريكا تسعى لتفتيت لبنان وجعله دون أي قوة دفاعية أو اقتصادية. ورغم الرهان الأمريكي على تعب المقاومة، قال: “في ذكرى الشهيد وبعد غدٍ في يوم الشهيد: لن نترك السلاح لأنه ليس سلاحاً موجهاً إلى الداخل، بل نتمسك بالسلاح لأنه ضمان بقاء لبنان وورقة قوة للبنان، ومن أجل لبنان نقدم كل هذه الكوكبة من الشهداء”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى