
الأستاذ غسان بن جدو المحترم،
بدايةً، اسمح لي أن أعبر عن عميق تقديري لمسيرتكم الإعلامية الحافلة بالعطاء، والتي أثمرت نجاحًا باهرًا في تشكيل رأي عام داعم لمحور المقاومة، يمتد تأثيره من طنجة إلى عمّان. انطلاقًا من هذا التقدير، أجد من واجبي أن ألفت انتباهكم إلى بعض الأمور التي قد تلقي بظلالها، لا سمح الله، على مسيرتكم الطويلة الاعلامية والعربية النضالية.
من المفارقات التي يصعب تجاهلها، وأنتم الإعلامي الرائد المعروف بتبني شعار “تطوير الفضاء الرقمي” وصاحب مؤسسة إعلامية ضخمة، هو الحال الذي وصلت إليه البوابة الرقمية لـ “المؤتمر القومي العربي”.
/https://www.arabnc.org
ففي الوقت الذي تشغلون فيه منصب نائب الأمين العام لهذا المؤتمر منذ نوفمبر 2025، وكنتم تشغلون عضويته منذ 2022 يبدو موقعه الإلكتروني كأنه مهجور أُغلقت أبوابه منذ عقد ونصف، حيث توقف عند حدود عام 2010. ولم يتطور لتاريخه:
حسب موقع:
https://web.archive.org/web/20100701000000*/https://www.arabnc.org//
هذه الفجوة الرقمية تطرح تساؤلات مشروعة قد يستغلها اعداء الامة العربية من الاستعمار الانجلوسكسوني والصهيوني الامبريالي التوسيعي الرأسمالي المتوحش، فيقال: كيف يغيب هذا الأمر عن شخصية إعلامية بحجمكم، تدرك تمامًا أهمية الصورة والواجهة الرقمية في عصرنا هذا؟ وكيف لم ينتبه مئات الأعضاء في المؤتمر، الذين يمثلون “نخبة الأمة”، إلى أن واجهتهم الرقمية متوقفة عن مواكبة الزمن؟
وكي لا ينتقدكم لا سمح الله العدو الغاشم الامبريالي: وتزداد المفارقة عمقًا عند استحضار كلمتكم في المؤتمر الثاني والثلاثين عام 2023، التي كانت بعنوان “ضرورة تطوير الإعلام ومجاراة التكنولوجيا الرقمية”. فكيف يمكن الحديث عن مواكبة العصر الرقمي بينما المنصة الرسمية للمؤتمر لا تتوافق مع أبسط معايير اليوم، فهي غير متجاوبة مع الهواتف المحمولة، ومحركات البحث، وبعيدة كل البعد عن لغة العصر؟
وربما لم يسمح وقتكم الثمين بزيارة موقع المؤتمر القومي العربي، لانه لا يعقل ان تكون زرتم الموقع الالكتروني وقبلتم به للحظة ان يبقى كما هو.
ولانكم ضليعين ولديكم الخبراء في البرمجة والاعلام، ولإنكم تواجهون “اللوبي الصهيوني الامبريالي التوسعي الاستعماري” الذي يسيطر على الإعلام العالمي ويقود ثورة الذكاء الاصطناعي، فانه يصبح أمرًا مثيرًا للسخرية عندما تكون أدواتنا الرقمية بهذا التواضع.
وسيقال من قبل اعداء الامة: كيف يمكن لمؤتمر يصدر بيانات مطوّلة عن “مستقبل النهضة العربية” أن يعجز عن تحديث موقع إلكتروني، وهي مهمة لا تتطلب سوى جهد محدود وتكلفة مالية رمزية؟
وكي لا يقول العدو الغاشم الاستعماري لا سمح الله من باب الانتقاد وانتم المنزهين عن اي انتقاد
• كيف يمكن لمؤتمر يتحدث باسم الأمة أن يغيب عن لجنته وانتم عضو فيها أي مبادرة تكنولوجية أو إعلامية للطوير ومواكبة العصر الرقمي خلال السنوات الماضية، مع انه كل دقيقة هناك تطور رقمي.
• كيف يمكن للمؤتمر أن يطالب بتطوير الدول والمجتمع، وهو نفسه عاجز عن تطوير أبسط أدواته الرقمية؟
• كيف لمؤتمر يدّعي الريادة أن يفشل في مخاطبة الجيل الجديد بلغته وتقنياته، وهو جيل صنع الثورة على وسائل الثورة الرقمية.
أكتب إليكم هذه الرسالة وانشرها عبر هذا الفضاء الإعلامي المفتوح، لعدم وجود تواصل شخصي بيننا، وكلي أمل أن تصلكم كصرخة محبّ حريص على مسيرتكم ومسيرة المؤتمر. إن الهدف هو التنبيه إلى هذه الثغرة الكبيرة، فمن غير المقبول أن يأتي النقد من خارج صفوفكم ليقول لنخبة الأمة: “يا سادة، موقعكم لا يعمل على الهاتف الا بشق الانفس”.
ولانني اعلم واعرف انه في زمن الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية، وانكم تؤمنون انه لم يعد الاكتفاء بالخطابات كافيًا وفاعلا وخصوصا انكم لا تحبون الخطابة. وإن مخاطبة جيل اليوم تتطلب أدوات عصرية وفكرًا متجددًا. ونأمل أن تكون هذه الرسالة حافزًا لإعادة النظر في الواجهة الرقمية للمؤتمر القومي العربي، لتكون معبرة بحق عن طموحات الأمة وقادرة على حمل رسالتها إلى المستقبل، والتاثير بالراي العام الغربي والعربي
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.