
لا يمكن أن تمرّ على أعمال الكبير جورج خباز مرور الكرام, هو الكاتب والمسرحيّ والرؤيوي الاستثنائي الذي شكّل وما زال علامة فارقة في تاريخ المسرح والتمثيل اللبناني, حيث يأخذك بأفكاره وعبقريته التي تحاكي الٱلام بطريقة تدخل القلوب دون استئذان, ولعل واحدة من تلك النماذج الاستثنائية هي مسرحيته” الا اذا تغير شي”.
حين تتابع الحبكة الكوميدية والتراجيدية في هذه المسرحية الهادفة, تشعر انك أمام عقل قل نظيره في توصيف حقيقة سكان بناية يتصارعون ليل نهار على التاريخ والجغرافيا والعادات والتقاليد, مدعين انهم صناع التاريخ واصل الوطن ومبعث مجده وحضارته وفكره, وحتى يكتمل المشهد تقدم المسرحية فقرة يتخللها زيارة صحافية(جاهدة غندور في المسرحية) تهدف للتعرف أكثر علة البناية وايصال فكرة أن كل شخص من البناية يعود في تاريخه البعيد لطائفة من طوائف لبنان, وهي رسالة صداحة تشير إلى أهمية الوحدة والحفاظ على الصورة الفسيفسائية التي يتميز بها لبنان, وان الصراعات والحروب والانقسامات لا تغير البتة في المشهد سوى المزيد من الهوة بين الشرائح المكونة للبنان.
“إلا اذا تغيّر شي” ليست مسرحية كوميدية عابرة ابدع خلالها خباز وزملاؤه, بل هي صرخة وطنية بعيدة المدى والأفق فحواها:” تسقط كل الانتماءات عند الانتماء الوطني الأرحب, وليس هناك من هو أكبر من وطنه مهما عظمت قوّته من كل الشرائح والمكونات.