رأى المفتي الشيخ أحمد طالب أن لبنان أمام فرصة حقيقية للنهوض من تحت كل ركام الحرب والضغط الذي يمارس عليه وسلوك مسار داخلي في مواجهة الفساد الذي يعشش في الادارة وجوانب كثيرة من الحياة السياسية اللبنانية وفي داخل مؤسسات الدولة وخارجها، مشيرا الى أن هذه الفرصة قائمة فعلا على الرغم من المخاطر الكبرى التي تهدد البلد وعلى رأسها الاحتلال الاسرائيلي واعتداءاته المتواصلة.
وحذّر سماحته من أن العوائق التي تحول الى الآن دون سلوك هذا المسار تكمن في ذهنية بعض اللبنانيين ومن بينهم اولئك الذين لا ينظرون لمصلحة البلد الا من زاوية مصالحهم الخاصة ، ولاهمّ لهم الا أن يسيروا في طريق المشاريع الضيّقة التي يوهمون أنفسهم أن الدول المؤّثرة في الواقع اللبناني سوف تستمر في الاستماع لهم ولرؤيتهم وسعيهم لخلط الاوراق والاستمرار في لعبة التراشق والسجالات والخلافات الداخلية ومنع قيام الدولة.
وتمنى سماحته على هؤلاء أن يعيدوا النظر في مقاربتهم للشأن اللبناني الداخلي من خلال علاقاتهم الخارجية التي ينبغي توظيفها في خدمة بلدهم وناسهم والعمل لردم الهوة بين المكونات الداخلية مشيرا الى أن عليهم أن يعرفوا أن الدول لا ترسم مصالحها وتدير علاقاتها من خلال فريق واحد في لبنان وإن اقتضت مصلحتها الاستماع لهؤلاء في بعض الاوقات ولكنها تعيد ترتيب أوراقها على مساحة البلد كله والطوائف كلها والمكونات المتعددة.
وشدد سماحته على أن لبنان يحتاج فعلاً الى رجال الدولة الحكماء والعقلاء الذين يقدمون مصلحة البلد على مصالحهم الذاتية ويديرون الأمور بما يحفظ حقوق الجميع بعيدا من انتماءاتهم المذهبية والطائفية ويعملون لحماية لبنان في المراحل الصعبة والخطيرة التي تعيش فيها المنطقة كلها وسط هذه التصدّعات ومحاولات التشكّل الجديدة سياسياً وربما جغرافيا، ومن هنا تبرز أهمية الانسجام بين السلطة الاولى ورئاسة مجلس النواب على مختلف المستويات والتي أبعدت لبنان عن تجرّع أكثر من كأس مرّة بما في ذلك كأس اولئك الذين يبّخون السمّ في مساحات خارجية وداخلية لخلق واقع مضطرب ومنع لبنان من أن يستفيد من فرص المساعدة الاقتصادية وحتى السياسية.
واعتبر المفتي طالب أن لبنان وعلى الرغم من ذلك كله مفتوح على مبادرات مهمة عربية وغير عربية تعمل لجسر الهوة في الداخل وتنفتح على دول اخرى في المنطقة كإيران وغيرها ، مؤكدا أن لهذه المساعي تأثيرها الايجابي الذي نأمل أن تكون نتائجها مباشرة وقريبة ، وأن تلقى آذاناً صاغية في كل ما يتصل بمصلحة البلد وأن تسهم – بطريقة وأخرى- في دفع اولئك الذين يحملون معول الهدم للعودة الى حضن الوطن والتخلي عن طموحاتهم الشخصية والنزول عن شجرة المناكفة والابتزاز.