السياسيةالمجمع الثقافي الجعفري

المدير العام لرابطة الحوار الديني للوحدة: الغرب يسعى إلى فصل الموجة المناهضة للصهيونية عن محور المقاومة وضبطها داخل الولايات المتحدة

قال حجة الإسلام حميد رضا غريب رضا، المدير العام لرابطة الحوار الديني للوحدة والمبلّغ في الساحة الدولية، في الندوة الفكرية «زهران ممداني في مرآة السرديات الإعلامية» التي عقدت بحضور ناشطين إعلاميين وأساتذة من الحوزة والجامعة، مشيراً إلى أبعاد حرب الروايات ودور وسائل الإعلام الغربية، إنّ التيارات الغربية تحاول أن تصنع شخصيات جذابة وقابلة للتحكم لتُبعد قيادة الموجة المطالِبة بالعدالة والداعمة لفلسطين عن محور المقاومة، ولتعيدها إلى داخل أمريكا وتحت السيطرة هناك.

وأضاف: «إنّ هذا المخطط يتطلب يقظة إعلامية ورواية فاعلة من جانب جبهة الثورة الإسلامية.»

شكر وتمهيد

قال غريب رضا في بداية كلمته:

«أتقدّم بالشكر إلى الدكتور فؤاد أيزدي والدكتور داوودي، فكلاهما ألقيا كلمات قيّمة جداً وقد استفدتُ كثيراً. أنا، كما تعلمون، مبلّغ، ولستُ محللاً سياسياً ولا شخصية أكاديمية مثلكم؛ ولذلك فإن زاوية رؤيتي التي أطرحها ذات طابع تواصلي وتبليغي بالدرجة الأولى.»

تكليف القيادة في التواصل مع شباب العالم

الغرب يسعى إلى فصل الموجة المناهضة للصهيونية عن محور المقاومة وضبطها داخل أمريكا.

قال: «بعد الثاني عشر من شهر آبان عام ۱۴۰۳ هـ.ش (نوفمبر ۲۰۲۴ م)، حين ألقى القائد العزيز للثورة كلمة أمام الطلاب، إذا رجعتم إلى موقع القائد فستجدون في الفقرة الأخيرة من كلمته أنّه دعا شباب إيران إلى التواصل مع أقرانهم في العالم، واستخدام الإمكانات القائمة، ولا سيما القدرات الإعلامية، لإطلاق حركةٍ عامة بين الشعوب. هذه الحركة العامة من خلال تواصل الشباب الإيراني مع شباب سائر البلدان يجب أن تكون بحيث يستطيعون دعم المقاومة، ودعمهم هذا سيؤدي حتماً إلى انتصار جبهة الحق وهزيمة الاستكبار.»

وأضاف:

«لقد وضع القائد على الطاولة تكليفاً دولياً لشباب إيران. وكنتُ أقول لزملائي من طلبة العلوم الدينية: ما دام القائد قد طلب حتى من طلاب المدارس أن يتواصلوا مع نظرائهم في الخارج، فإنّ علينا نحن المبلّغين في الساحة الدولية أن نبذل ألف ضعف من الجهد. فإذا كان الطلاب الصغار مأمورين بهذه المهمة، فتكليفنا نحن في المجال الدولي أثقل بكثير.»

مظاهرات في العواصم الأوروبية ضد سياسات الغرب

قال:

«كما أشار الدكتور أيزدي بتحليله الاجتماعي‑السياسي، وكذلك الدكتور داوودي، فنحن اليوم أمام تحوّل فكري وثقافي وسياسي جاد في المجتمع الأمريكي. كنا قبل سنوات نتمنى أن ينهض في الغرب شخص حرّ يكتب كتاباً ضد الصهاينة ونسمع صوتاً داعماً لفلسطين في أمريكا أو أوروبا. أما اليوم فلا يكاد يمضي يوم واحد في العواصم الأوروبية من دون مظاهرة من مئة ألف إلى مئة وخمسين ألفاً. وكأن هذه البلدان تتسابق في تنظيم المظاهرات المؤيدة لفلسطين. الأنظمة هناك تعتقل رجالهم ونساؤهم وتمنعهم من الدراسة والتعليم، ومع ذلك لا يستسلمون ويُظهرون إرادةً جبّارة في نصرة فلسطين.»

وأضاف:

«وخلال الحرب ذات الأيام الاثني عشر، كان بعض علماء أهل السنة يستشهد بالآية ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ قائلين: إنّ الله نزع راية الإسلام منّا نحن العرب أهل السنة وأعطاها للفرس الشيعة، لأنهم وقفوا في وجه أعداء الإسلام. ونحن عندما نرى المظاهرات في أمريكا وأوروبا ومشاركتهم في قوافل الصمود نشعر حقاً أنّ الله قد يسلب راية الإسلام من العرب ويعطيها للشباب الأوروبيين والأمريكيين.»

مشروع الحُكومات وإدارة الثورة الجيلية

الغرب يسعى إلى فصل الموجة المناهضة للصهيونية عن محور المقاومة وضبطها داخل أمريكا.

قال غريب رضا مواصلاً:

«في تتمة تحليل أستاذي العزيز الدكتور فؤاد أيزدي، الذي أشار إليه الدكتور داوودي أيضاً، ميّزتما بين شخصية زهران ممداني والفضاء الاجتماعي‑السياسي المحيط به. وأنا أريد أن أرفع هذا التمييز إلى مستوى “مشروع الحُكم”. إنّ هذا التحوّل في الجيل الجديد والقطيعة التي نشأت بين الجيل الجديد الغربي وسياسات أنظمة الغرب يجب أن تُدار من قِبَل تلك الأنظمة بطريقة من نوع “الهندسة العكسية”. وأنا أعدّ هذا التحوّل ثورةً جيليّة؛ ثورةً اعتبرها القائد في رسائله المتعددة جزءاً من محور المقاومة، وقد فتح لنا ساحة التواصل معهم.»

ثم تساءل:

«هل نحن فعلاً أمام ظاهرة اسمها زهران ممداني، أم أمام مشروع ذكي من تخطيط النظام الأمريكي؟

ألا تريد أمريكا أن تفتعل حرباً ظاهرية بينها وبين تيار ترامب، فترفع شخصية كاريزماتية وجذابة لتقود الحركة المناهضة للصهيونية، وتفصلها عن قيادة إيران ومحور المقاومة، ثم تُحرق هذا المشروع وتسلّم لنا ما تبقّى منه؟»

وقال:

«هذا القلق ليس بلا مبرر. لقد رأينا ثورات مشابهة في العالم العربي وشمال إفريقيا وما سُمي بالصحوة الإسلامية. شاهدنا كيف تمكنت القوى الغربية من توجيه بعض الشباب الثائرين في ميدان التحرير للإطاحة بالنظام، ثم قامت بالهندسة العكسية وفعلت الثورة المضادة وجاءت بعناصر مثل السيسي الذي واصل سياسات أمريكا والكيان الصهيوني. ولذلك من الطبيعي أن نكون، رغم عظمة التحوّل القائم اليوم في الغرب وأمريكا، حذرين غير منبهرين.»

موجات الإسلام الجديدة في الغرب

الغرب يسعى إلى فصل الموجة المناهضة للصهيونية عن محور المقاومة وضبطها داخل أمريكا.

وقال:

«نحن حالياً أمام موجة ضخمة من العداء للصهيونية بل ومن الإسلاموية في الغرب. وأنتم تعلمون أكثر مني أن كثيراً من المقاطع المرئية تظهر فتيات أمريكيات وأوروبيات، حتى اللواتي لا يرتدين الحجاب أو لم يسلمن بعد، وهنّ يرددن شبهات النسوية بمنظور قرآني؛ وهذا يعني أنّ دخول الناس في دين الله أفواجاً يحدث أمام أعيننا. واليوم، بفضل صمود الشيعة في إيران والعراق ولبنان واليمن بوجه الكيان الصهيوني، بات لهم محبّة هائلة بين الشباب الغربي. وفي العالم العربي أيضاً، بعد انتصار الثورة الإسلامية ثم انتصار حزب الله عام 2006، ظهرت موجة من التشيّع. فغالباً كل تحوّل معادٍ للغرب وللصهيونية يرافقه امتداد عقائدي، وهذا ما يقلق الغرب.»

ثم تساءل:

«ألا يريد الغرب أن يدير هذه الموجة بهندسة معكوسة أخرى، فيصنع قادة جدداً للشباب الغربيين كي يُحوّل المحبة والانجذاب الموجودين تجاه القائد الثورة وإيران إلى داخل الغرب نفسه؟ إنّ الصور التي تُرفع لآية الله خامنئي في المسيرات تُعدّ جرس إنذار لهم.»

وتابع بقوله:

«بطبيعة الحال، وكما قيل، يجب أن ننتظر أداء السيد ممداني في المستقبل حتى نستطيع أن نقدّم تحليلاً قطعياً. ولكن احتمال وجود مثل هذا السيناريو – موضوع ومخطط له في مراكز الفكر والمؤسسات الاستراتيجية الأمريكية – ليس مستبعداً.»

ماذا نفعل إعلامياً؟

قال:

«أما بشأن ما ينبغي أن نقوله في إعلامنا، فاسمحوا لي أن أتحدث عن الإعلام البديل ودور الشباب. بعد خطاب القائد، أطلقنا حملة باسم “نهضة التواصل والحوار بين شباب العالم الإسلامي دعماً للمقاومة”. ونحن لا نحصر مصطلح “العالم الإسلامي” في الحدود الجغرافية للدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي؛ فحيثما يحظى الإسلام بشعبية – حتى لو كان منطلق الحركات يسارياً جديداً أو إنسانياً – نعدّه ميداناً لتفاعل العالم الإسلامي.»

وأضاف:

«يمتلك شبابنا طاقات كبيرة ويجب أن يقيموا تواصلاً حقيقياً عبر الحركات الشعبية والجماعات الفاعلة. المقصود من الحوار ليس مجرد إثارة موجة إعلامية أو جعل وسم يتصدّر، وإنْ كانت هذه أموراً مساندة جيّدة، وإنما المقصود معرفة الشخصيات المؤثرة فكرياً، والتواصل العميق معهم، والتغلغل في طبائعهم الفكرية، وبناء شبكات وعلامات فاعلة في شبكات التواصل الاجتماعي كي نتمكن من التفاعل الجاد مع الموجات التغييرية في العالمين العربي والغربي.»

تراجع مشروعات التشويه

قال أيضاً:

«بعد حرب الاثني عشر يوماً، المشاريع الثلاثة التي كنا نعدّها دوماً نقطة ضعفنا – الإسلاموفوبيا في الغرب، والشيعة فوبيا، والإيران فوبيا في العالم العربي – انهزمت الآن في الطبقات الاجتماعية. ورغم أنّ الإعلام الرسمي ما زال يؤدي دوراً محدداً، إلا أن الاتصالات الشعبية في الشبكات غير الرسمية تظهر أن تلك المشاريع فقدت أثرها، وأنّ الشوق إلى معرفة الإسلام والمقاومة ازداد. الميدان الآن مفتوح للتواصل.»

الدعوة إلى الحضور في الميدان الدولي

واختتم بالقول:

«من على منبر وكالة رسا الإخبارية، أدعو جميع الأعزة الذين يملكون قدرة واستعداداً فكرياً وثقافياً وسياسياً إلى دخول الميدان، وتنمية قدراتهم، والتوجه نحو التواصل مع النخب في العالمين الغربي والعربي.»

زر الذهاب إلى الأعلى