
في الذكرى الأولى لانتزاع السكون من قلب العاصفة، نقف أمام وجعٍ ما زال ساخنًا، وأمام شعبٍ ما زال واقفًا.
عامٌ مضى على عودة أهل الجنوب والبقاع وبعلبك والضاحية إلى بيوتهم، تلك البيوت التي لم تُبنَ بالحجارة وحدها، بل بصلابة القلوب ونبض الصبر. عاد الناس يحملون ذكريات الدخان، لكنهم أيضًا حملوا إرادة الحياة… إرادة لا تنكسر.
إلى الجنوبيين، أهل التراب السخيّ والوضح الجبليّ:
أنتم الذين وقفتم بلا ضجيج، وصنعتم من صمتكم حكاية وطن.
أنتم الذين عدتم إلى منازلكم لا لتعدّوا الخسائر، بل لتزرعوا من جديد، وتُرمّموا الحجر كما ترمّمون الروح.
علّمتم العالم أن الجنوب ليس جغرافيا، بل صمودًا متجذّرًا، وكرامة لا تُقهر، ووجهًا لا يتراجع أمام الريح.
في ذكرى توقّف الحرب، نتذكّر الشهداء، ونمسح على جراح الناجين، ونرفع رؤوسنا بكم…
فأنتم من حوّل الألم إلى قوّة، والركام إلى بيوت تعود وتضيء.
ورغم الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، ورغم كل ما يحاول أن يهزّ الأرض، يبقى الجنوب ثابتًا، واقفًا، لا يخلع جذوره ولا ينحني.
فهذه الأرض عرفت النار كثيرًا…
لكنها في كل مرة تُثبت أن جذورها أعمق من كلّ المحاولات،
وأن أهلها أقوى من كلّ ما يُراد بهم.
سلامٌ لجنوبٍ لا ينحني،
وسلامٌ لأهله… الذين كلّما عادوا، أعادوا لبنان معهم إلى الحياة.
سلامٌ لأهل الجنوب
الذين عادوا بشجاعةٍ أكبر من الجراح، وبإصرارٍ يجعل الغيم ينحني احترامًا.
هم الذين كلّما مرّت عليهم حرب،
عادوا بعدها أشبه بالجبال…
صامتين، ثابتين، لا يُهزَمون.